للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك ابن حبان، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ألا تَصُفُّون كما تَصُفُّ الملائكة (١).

ولا يمتنع أن تكون الموافقة فيهما في الوقت وفي الإخلاص، والله أعلم.

وظاهر الحديث: تأمين جميع الملائكة:

فقال عكرمة: ملائكة السماء يصفون في السماء كصفوف أهل الأرض، فإذا توافقا في التأمين غفر لمن في الأرض.

(ث-٣٥١) روى عبد الرزاق، عن معمر قال:

حدثني من سمع عكرمة يقول: صفوف أهل الأرض على صفوف أهل السماء، فإذا وافق آمين في الأرض آمين في السماء غفر له (٢).

قال ابن حجر: «مثله لا يقال بالرأي، فالمصير إليه أولى» (٣).

وهذا صحيح بشرط أن يثبت عن عكرمة، ولم يثبت؛ لإبهام شيخ معمر.

وظاهر أثر عكرمة أن لكلٍّ صلاته على وجه الاستقلال؛ لأن القول بأن أهل السماء يصلون صفوفًا تبعًا لأهل الأرض مع اختلاف المكان يحتاج إلى توقيف، فظاهر أثر عكرمة أنه لا اتحاد بينهما في الصلاة، فإذا وقع توافق في التأمين بينهما ترتب عليه هذا الفضل.

ومثل هذا لا يمكن أن يُرَغَّب فيه أحد؛ لأنه لا أحد يمكنه تحري ذلك؛ لكونه من الغيبيات، وهو خلاف حديث: (إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة ... ) إلخ فإن فيه اتحادًا في الدعاء، فالإمام يدعو، والملائكة والمصلون يؤمنون على دعائه، فإذا وافق تأمين المأموم تأمين الإمام كان ذلك مظنة أن يوافق تأمين الملائكة، فيمكن للمكلف تحري ذلك، والطمع في حصوله بخلاف التأويل الأول.

وتقدم لنا رواية النسائي (إذا أمن القارئ فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) (٤).


(١). صحيح ابن حبان (٥/ ١٠٨) إكمال المعلم (٢/ ٣٠٩)، فتح الباري (٢/ ٢٦٥).
(٢). المصنف (٢٦٤٨).
(٣). فتح الباري (٢/ ٢٦٥).
(٤). سنن النسائي (٩٢٥)، وفي الكبرى (٩٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>