للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وسبب اختلافهم: أن في ذلك حديثين متعارضي الظاهر:

أحدهما: حديث أبي هريرة المتفق عليه في الصحيح أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أمن الإمام فأمنوا.

والحديث الثاني: ما أخرجه مالك عن أبي هريرة أيضًا أنه قال عليه الصلاة والسلام: إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين.

فأما الحديث الأول فهو نص في تأمين الإمام.

وأما الحديث الثاني، فيستدل منه على أن الإمام لا يؤمن، وذلك أنه لو كان يؤمن لما أمر المأموم بالتأمين عند الفراغ من أم الكتاب قبل أن يؤمن الإمام، لأن الإمام كما قال عليه الصلاة والسلام: إنما جعل الإمام ليؤتم به.

إلا أن يخص هذا من أقوال الإمام: (أعني أن يكون للمأموم أن يؤمن معه أو قبله) فلا يكون فيه دليل على حكم الإمام في التأمين، ويكون إنما تضمن حكم المأموم فقط، ولكن الذي يظهر أن مالكًا ذهب مذهب الترجيح للحديث الذي رواه، يكون السامع هو المؤمن لا الداعي.

وذهب الجمهور لترجيح الحديث الأول لكونه نصًّا، ولأنه ليس فيه شيء من حكم الإمام، وإنما الخلاف بينه وبين الحديث الآخر في موضع تأمين المأموم فقط، لا في هل يؤمن الإمام أو لا يؤمن، فتأمل هذا» (١).

* دليل من قال: لا يستحب للإمام التأمين:

الدليل الأول:

(ح-١٤٣٠) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن سمي، مولى أبي بكر، عن أبي صالح السمان،

عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام: {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: ٧] فقولوا: آمين، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (٢).


(١). بداية المجتهد (١/ ١٥٦).
(٢). صحيح البخاري (٧٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>