للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو موسى: أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا، فبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا. فقال: إذا صليتم، فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبَّر فكبروا، وإذا قال {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: ٧]، فقولوا: آمين، يجبكم الله ... الحديث (١).

وجه الاستدلال بالحديث كوجه الاستدلال بحديث أبي هريرة رضي الله عنه.

* وأجيب عن هذين الدليلين:

الوجه الأول:

أن هناك من قال: إن المأموم يؤمن عقب الإمام، وهو قول في مذهب الحنابلة، وهو مرجوح.

الوجه الثاني:

أن حديث: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ... إلخ) هذا عام، فالأصل أن أفعال المأموم عقب الإمام، خُصَّ منه التأمين بالنص فإنه يؤمن المأموم مع إمامه، والقواعد الأصولية تقتضي تقديم الخاص على العام، ولهذا قال الجمهور: لا يستحب للمأموم مقارنة إمامه في شيء غير هذا (٢).

الوجه الثالث:

أن هذا الدليل سيق لبيان تأمين المأموم وموضعه، وسكت الحديث عن تأمين الإمام، والسكوت عن تأمين الإمام ليس دليلًا؛ لأن العدم لا يكون دليلًا، غاية ما في هذا الدليل أنه سكت عن تأمين الإمام، وهذا لا ينفيه خاصة إذا ثبت أن الإمام يؤمن بدليل آخر، كما في الحديث المتفق عليه: (إذا أمن الإمام فأمنوا ... ) فمنطوق هذا الحديث مقدم على مجرد السكوت عن تأمين الإمام في هذا الحديث.

الدليل الثالث:

أن من سنة الدعاء أن يكون المُؤَمِّن غير الداعي، فالداعي يكتفي بالدعاء،


(١). صحيح مسلم (٦٢ - ٤٠٤).
(٢). شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٢٠)،فتح الباري لابن رجب (٧/ ٩٧)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>