للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمن) أي: إذا شرع في التأمين، أو إذا فرغ منه.

* ورد هذا القول:

الرد الأول: حمل حديث (إذا أمن الإمام) على بلوغ الإمام محل التأمين مجاز، والأصل عدم المجاز (١).

كما أن المجاز لا يصار إليه إلا عند تعذر حمل الكلام على حقيقته، ولم يتعذر.

الرد الثاني: أن معنى إذا أمن: أي إذا أراد التأمين، كما في قوله تعالى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة:١٢]،

وكما في قوله في حديث أنس: (كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) (٢)، أي: إذا أراد دخوله.

وكقولهم: إذا رحل الأمير فارحلوا: أي إذا تهيأ للرحيل فتهيؤوا (٣).

الوجه الثاني: يحتمل معنى: (إذا أمن): إذا دعا بقوله: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم} إلى آخر السورة، بدليل أن الله سمى التأمين دعاء، في قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} [يونس: ٨٨]، وإنما كان الداعي موسى وكان هارون مؤمنًا (٤).

وعلى هذا التأويل لا يكون في الحديث دليل على تأمين الإمام.

* ورد هذا:

بأن تسمية الداعي مُؤَمِّنًا من باب إثبات اللغة بالقياس، واللغة لا تثبت بالقياس في قول الحنفية والمالكية، وبعض الشافعية، ورجحه الشوكاني (٥).


(١). فتح الباري (٢/ ٢٦٤)، التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣٤٤).
(٢). رواه البخاري (١٤٢)، ومسلم (١٢٢ - ٣٧٥) من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.
(٣). شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٢٠)،فتح الباري لابن رجب (٧/ ٩٧)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٥٨٢).
(٤). القبس شرح الموطأ (ص: ٢٣٦)، المسالك في شرح موطأ مالك (٢/ ٣٨١)، الاستذكار (١/ ٤٧٤)، المنتقى للباجي (١/ ١٦١).
(٥). شرح التلويح على التوضيح (٢/ ١١٤)، البحر المحيط في أصول الفقه (٢/ ٢٥٥)، فتح القدير لابن الهمام (١٠/ ٨٣)، قواطع الأدلة (٢/ ١٩٩)، بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٢٥٨)، الأشباه والنظائر للسبكي (٢/ ١٧٤)، إرشاد الفحول (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>