للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تتنزل هذه المسألة على مذهب الإمام مالك في المشهور عنه؛ حيث قال: لا يؤمن الإمام في الجهرية كما في رواية المصريين عنه (١).

وذهب الشافعية والحنابلة إلى استحباب أن يقع تأمين المأموم مع تأمين الإمام، لا قبله، ولا بعده، فإن فاتته موافقة الإمام أَمَّن بعده ما دام لم يفت محله (٢).

(ح-١٤٥٤) واستدلوا بما رواه البخاري من طريق مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح السمان،

عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام: {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: ٧] فقولوا: آمين، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.

ورواه مسلم من طريق الأعمش، عن أبي صالح به، بنحوه (٣).

ورواه مسلم من طريق يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل، عن أبي صالح به، بلفظ: إذا قال القارئ: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقال من خلفه: آمين، فوافق قوله قول أهل السماء غفر له ما تقدم من ذنبه (٤).

فأمر بالمبادرة بالتأمين وعلل ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له) وفي الحديث الآخر: (فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة) فيه إشارة إلى أنه إذا بادر، وأمن مع تأمين الإمام موافقًا له، ولم يتقدم عليه، فإنه يوافق تأمين الملائكة، ذلك لأن الملائكة توافق تأمين الإمام دائمًا، وإلا لما صح أن تكون الجملة الثانية تعليلًا للجملة الأولى (٥).


(١). انظر جامع الأمهات (ص: ٩٤)، التوضيح شرح خليل (١/ ٢٤٣، ٣٤٤)، شرح التلقين (١/ ٥٥٥)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٢٢٣)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٢٣٦).
(٢). فتح العزيز (٣/ ٣٥١)، المجموع (٣/ ٣٧٢)، شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٢٠)، فتح الباري لابن رجب (٧/ ٩٧)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٥٨٢).
(٣). صحيح البخاري (٧٨٢)، وصحيح مسلم (٨٧ - ٤١٥).
(٤). صحيح مسلم (٧٦ - ٤١٠)، وهو في البخاري (٦٤٠٢) من طريق سفيان (يعني ابن عيينة)، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة بلفظ: إذا أمن القارئ فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
(٥). انظر التعليق على المنتقى لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله (١/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>