للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن المنير نقلًا من فتح الباري: «الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للإتيان بالوظيفة في محلها؛ لأن الملائكة لا غفلة عندهم فمن وافقهم كان متيقظًا» (١).

وسبق لنا أن المراد بموافقتهم عند الجمهور موافقتهم بالوقت.

وقيل: يستحب أن يقع تأمين المأموم بعد تأمين الإمام، وهو قول في مذهب الحنابلة (٢).

واستدلوا بما رواه البخاري من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أنهما أخبراه،

عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أمن الإمام، فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (٣).

وجه الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول:

التعبير بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب: (إذا أمن الإمام فأمنوا ... )، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مبادرة الإمام، فقال: (إذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر)، ومعنى ذلك أنه لا يكبر معه، وقال أيضًا: (إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)، وكما أن المأموم يسلم عقب تسليم الإمام، وهكذا كل أفعال المأموم إنما يفعلها عَقِب إمامه، لا قبله، ولا معه، فكذلك التأمين.

وهو مقتضى حديث: (إنما جعل الإمام لِيُؤْتَمَّ به فإذا كبر فكبروا) (٤)، فلو أَمَّن مع إمامه خالف ظاهر حديث: (إذا أمن فأمنوا) وخالف ما علم من سنة الصلاة بأن تقع أفعال المأموم بعد أفعال إمامه، لا قبله، ولا معه، وهو مقتضى اتخاذه إمامًا.


(١). فتح الباري لابن حجر (٢/ ٢٦٥).
(٢). الفروع (١/ ١٧٥)، الإنصاف (٢/ ٥١).
(٣). صحيح البخاري (٧٨٠)، وصحيح مسلم (٧٢ - ٤١٠).
(٤). رواه البخاري (٧٣٣)، ومسلم (٧٨ - ٤١١) من طريق ليث، عن ابن شهاب،
عن أنس بن مالك، أنه قال: ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الإمام - أو إنما جعل الإمام - ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا .... الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>