للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني:

أنه علق تأمين المأموم على سماع تأمين إمامه بالشرط (إذا)، فقال: (إذا أمن الإمام فأمنوا)، ولوكان المأموم يؤمن مع الإمام لم يعلم بتأمين الإمام خاصة مع كثرة المصلين.

قال أبو بكر الأثرم: «(إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا) فقد بيَّن أن تأمين الإمام يُسمَع، فيؤمِّن مَن خلفه بتأمينه» (١).

وقال ابن المنذر في الأوسط: « ... محال أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المأموم أن يؤمِّن إذا أمَّن إمامه وهو لا يجد السبيل إلى معرفة تأمين إمامه» (٢).

* وأجيب عن هذا الاستدلال بأجوبة كثيرة، منها:

الجواب الأول:

قولكم: الأصل في أفعال المأموم أن تقع بعد أفعال الإمام، هذا صحيح، إلا أن هذا العموم خُصَّ منه التأمين بالنص، والخاص مقدم على العام، لحديث أبي هريرة في الصحيحين: (وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين). وهذا نص في محل النزاع، يكشف عن موضع تأمين المأموم، لهذا قال الجمهور: لا يستحب للمأموم مقارنة إمامه في شيء غير التأمين.

الجواب الثاني:

قولكم: (إذا أمن المأموم مع الإمام لم يعلم تأمين الإمام)، والحديث قد رتب تأمين المأموم على سماع تأمين إمامه بقوله: (إذا أمن فأمنوا).

فالجواب، قال ابن عابدين: «إن موضع التأمين معلوم، فإذا سمع لفظة {وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: ٧] كفى لأن الشارع طلب من الإمام التأمين بعده، فصار من التعليق بمعلوم الوجود» (٣).

وقال أبو الوليد الباجي: «معنى قوله: (إذا أمن الإمام فأمنوا) أي: إذا قَدَّرْتُم أنه


(١). الناسخ والمنسوخ (١٣٤).
(٢). الأوسط لابن المنذر (٣/ ١٣٠).
(٣). حاشية ابن عابدين (١/ ٤٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>