للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك قول ثالث سمعته من الشيخ الألباني عليه رحمة الله، قال: معنى إذا أَمَّن إذا شرع في التأمين بمقدار حرف أو حرفين، فإذا أخذ الإمام بالتأمين تبعه المأموم قبل فراغه؛ جمعًا بين حديث (إذا أمن فأمنوا) وبين حديث: (إذا قال: ولا الضالين فقولوا آمين)، فالرواية الأولى رتب فيها تأمين المأموم بالفاء، الدال على التأخر، والرواية الثانية دلت على أن التأخر بمقدار حرف أو حرفين، سمعته من الشيخ الألباني عليه رحمة الله في آخر حجة حجها عام ١٤١٠ هـ وقد بحثت عن هذا القول لعلمي أن الشيخ رحمه الله كان لا يقول بقول إلا له فيه إمام، ولم أعثر عليه.

وقد ذاكرت الشيخ وقتها، وقلت له: لماذا لا تحمل الرواية المجملة بقوله: (إذا أمن الإمام فأمنوا) على الرواية المُفَصَّلة بقوله: (إذا قال ولا الضالين فقولوا آمين)، باعتبار أن الشرط (إذا) فيه إجمال: فيحتمل التأخر كما في قوله: (إذا كبر فكبروا) ويحتمل التقدم كما في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} أي إذا أردت قراءته، فيكون الإجمال في الشرط قد بينته الرواية المفصلة في قوله: (وإذا قال: ولا الضالين فقولوا آمين) فكشفت أن المراد من قوله: (إذا أمن الإمام): أي إذا أراد التأمين.

ولأن المأموم يُؤَمِّن لدعاء الإمام في قراءته، لا لتأمينه. فما وافقني الشيخ رحمه الله، وكان جوابه رحمه الله بما معناه: إذا ترجح لك ذلك فاعمل بما ترجح لك، ولكنه لا يلزم غيرك.

وهذا ليس بجواب، بل هو تحصيل حاصل، ثم قرأت له بعد وفاته رحمه الله في كتاب أصل الصلاة والذي طبع بعد وفاته أنه رجع عنه، وقال بقول الجمهور (١).

وقيل: إن المأموم بالخيار، إن شاء أمن بعد تأمين الإمام، وإن شاء أمن بعد قوله: ولا الضالين، اختار ذلك الطبري (٢).

* وحجته في ذلك:

بأنه قد ورد حديثان في بيان موضع تأمين الإمام، وكلاهما جائز، وليس أحدهما محمولًا على الآخر، فهما يتفقان على مشروعية التأمين للمأموم، وأحدهما: يشرع


(١). أصل صفة الصلاة (١/ ٣٨٣).
(٢). شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>