للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمأموم التأمين إذا قال الإمام: ولا الضالين.

والآخر فيه زيادة معنى، وأنه يؤمن إذا أَمَّن الإمام (١).

هذا ما استدل به الطبري رحمه الله.

وقد يقال: إن التأمين في حق المأموم آكد من الإمام لسببين:

أحدهما: أن التأمين في حقه ورد بلفظ الأمر: (إذا أمن الإمام فأمنوا)، ولم يرد تأمين الإمام بصيغة الأمر، ولا شك أن الأمر بالتأمين أبلغ من نقل الفعل.

الثاني: أن الإمام داعٍ، والمأموم مُؤَمِّنٌ، فكان ترك التأمين في حق الداعي أخف من المأموم، فكان أحد حديثي أبي هريرة يأمر المأموم بالتأمين إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّين}، وهو محمول على حال ما إذا ترك الإمام التأمين؛ كما هو مذهب المالكية.

قال الخطابي في معالم السنن: «وقد يكون معناه - يعني معنى حديث: وإذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين- الأمر به والحض عليه إذا نسيه الإمام، يقول: لا تغفلوه إذا أغفله الإمام، ولا تتركوه إن نسيه، وأمنوا لأنفسكم لتحرزوا به الأجر» (٢).

وحديث أبي هريرة الثاني يأمره أن يؤمن بعد تأمينه، في حال اختار الإمام التأمين في الصلاة.

وكلا التوجهين عندي ضعيف، والأصح حمل أحد حديثي أبي هريرة على الآخر، وأن المقصود: (إذا أمن) إذا أراد التأمين، والله أعلم.

قال في مرعاة المفاتيح: «لا حاجة إلى الجمع بين الروايتين؛ لأن الجمع والتوفيق فرع التعارض والتخالف، ولا تخالف بين الروايتين، فإن المراد بقوله: (إذا قال الإمام: {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّين} أي وقال: آمين فقولوا آمين، أي


(١). انظر: شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٩٩).
(٢). معالم السنن (١/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>