ومفهومه: أن من لا يريد الجلوس فلا يؤمر بالصلاة، فكانت تحية المسجد حق الجلوس فيه، لا مجرد الدخول.
ومن قال: إن تحية المسجد سببها الدخول في المسجد (١)، وأن قيد الجلوس خرج مخرج الغالب؛ باعتبار أن من يدخل المسجد مجتازًا حال نادرة، والمساجد لم تُبْنَ لهذا، فالغالب على من يدخل المسجد: إما أن يصلي مباشرة، وهذا تسقط عنه تحية المسجد، وإما أن يجلس، فجاء ذكر الجلوس وصفًا طرديًّا في حديث أبي قتادة، لا مفهوم له؛ لأن المفهوم إذا خرج مخرج الغالب فليس بحجة إجماعًا، فكانت الركعتان حق الدخول للمسجد تعظيمًا له، سواء أجلس في المسجد أم اجتاز، فإذا دخل كان مأمورًا بصلاة ركعتين.
وقد تفرع على اختلافهم هذا الاختلاف في فوات تحية المسجد بالجلوس، وسوف أفرد لها بحثًا مستقلًّا إن شاء الله تعالى.
* * *
(١). جاء في مغني المحتاج (١/ ٤٥٦): «ظاهر كلامه كغيره أنه لا فرق في سنها بين مريد الجلوس وغيره، ولا بين المتطهر وغيره إذا تطهر في المسجد، لكن قيده الشيخ نصر بمريد الجلوس، ويؤيده الخبر المذكور. قال الزركشي: لكن الظاهر أن التقييد بذلك خرج مخرج الغالب، وهذا هو الظاهر، فإن الأمر بذلك معلق على مطلق الدخول تعظيمًا للبقعة، وإقامةً للشعار كما يسن لداخل مكة الإحرام سواء أراد الإقامة بها أم لا». و انظر فتح العزيز (٣/ ١١٠).