للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كل حال مع فاتحة الكتاب، لحديث عبادة وأبي سعيد الخدري وغيرهما» (١).

ولا يصح شيء من هذه الآثار التي ذكرها القرطبي عليه رحمة الله، وإذا روى الصحابي حديثًا مرفوعًا، فلم يصح، أو روي عنه قول ولم يثبت عنه، فلا يصح أن يؤخذ من هذا الأثر الضعيف قول فقهي ينسب لراويه، حتى يصح ما رواه أو ما روي عنه، ولم يرو عنه خلافه، ولو صح ذلك عن عمر وابن عمر وابن عباس وأبي سعيد لم نتجاوز قولهم إلى قول جمهور الفقهاء، فإن قول الصحابي إن لم يكن حجة، فهو من المرجحات، وستعرف من خلال البحث أن هذه الآثار ضعيفة، وأكثرها ضعيف جدًّا، وما صح منها فليس صريحًا في دلالته.

وعلى تقدير صحة هذه الأقوال عن الصحابة فإن الصحابة قد اختلفوا وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول أحدهم بأولى من قول الآخر، وقد خالف أبو هريرة فذهب إلى جواز الاقتصار على أم القرآن، وأثره في الصحيحين، وهو أصح من هذه الآثار.

والخلاصة أن الأقوال في المسألة ترجع إلى قولين: السنية، والوجوب.

وأما القول بأنها مستحبة أو فضيلة، فهذا تقسيم خاص للسنن عند بعض الفقهاء، ولا مشاحة في الاصطلاح.

* أدلة الجمهور على استحباب القراءة بعد الفاتحة في الأوليين:

الدليل الأول:

الإجماع، حكاه طائفة من أهل العلم.

قال النووي في التبيان: «وأجمعوا على استحباب قراءة السورة بعد الفاتحة في ركعتي الصبح، والأوليين من باقي الصلوات» (٢).

وقال ابن قدامة: «قراءة السورة بعد الفاتحة مسنونة في الركعتين من كل صلاة. لا نعلم في هذا خلافًا» (٣).

وقال الزركشي: «أما قراءة السورة بعد الفاتحة فسنة مجمع عليها» (٤).


(١). تفسير القرطبي (١/ ١٢٥).
(٢). التبيان في آداب حملة القرآن (ص: ١٢٧).
(٣). المغني (١/ ٤٠٨).
(٤). شرح الزركشي على مختصر الخرقي (١/ ٥٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>