للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمر الله بالاستماع والإنصات عند قراءة القرآن، والأصل في الأمر الوجوب، والأمر بالشيء نهي عن ضده، فكان الأمر بالاستماع يستلزم النهي عن القراءة، والنهي عن القراءة يقتضي فساد المنهي عنه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد.

* ويناقش:

بأن النهي ليس عائدًا لذات القراءة، وإنما من أجل استماع قراءة الإمام، ولذلك لو كان المأموم لا يسمع قراءة إمامه لم يمنع من القراءة في الأصح، كما سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى، وإذا كان النهي عن قراءة المأموم لأمر خارج لم يَقْتَضِ النهي فساد الصلاة، بخلاف النهي إذا عاد إلى ذات العبادة، أو على شرطها المختص بها، فإنه يقتضي الفساد، والله أعلم.

الدليل الثاني:

ولحديث عبادة بن الصامت، وفيه: ... قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تفعلوا إلا بأم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (١).

[ضعيف] (٢).

وجه الاستدلال:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القراءة خلف الإمام ما عدا الفاتحة، والأصل في النهي التحريم والفساد.

* ونوقش:

بأن الحديث ضعيف، والقول بفساد العبادة شاذٌّ، وقد أجبت عنه في الدليل السابق، وقد حكي الإجماع على صحة صلاة من قرأ خلف الإمام، حكاه ابن عبد البر وابن حبان والثعلبي وغيرهم، وسيأتي نقل كلامهم بعد قليل إن شاء الله تعالى.

وقيل: تكره القراءة، وهو مذهب المالكية والشافعية، والحنابلة (٣).


(١). المسند (٥/ ٣٢٢).
(٢). سبق تخريجه، انظر: (ح ١٣٨٥).
(٣). التاج والإكليل (٢/ ٢٢١)، مواهب الجليل (١/ ٥٢٤)، الشرح الصغير (١/ ٣٢٢)، الاستذكار (١/ ٤٦٤، ٤٦٧) و (٤/ ٢٣٤)، التمهيد (١١/ ٤١، ٥٠)، المنتقى للباجي (١/ ١٥٩)، الفواكه الدواني (٢/ ٣٨٥)، منح الجليل (٢/ ٦٢)، تحفة المحتاج (٢/ ٥٤)، مغني المحتاج (١/ ٣٦٢)، نهاية المحتاج (١/ ٤٩٣)، بداية المحتاج (١/ ٢٣٩)، حاشية الجمل (١/ ٣٥٦)، الإقناع (١/ ١٦٢)، كشاف القناع (١/ ٤٦٢)، الكافي لابن قدامة (١/ ٢٤٦)، شرح الزركشي على الخرقي (١/ ٦٠١)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>