للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصر على النصف من ذلك» ولم يذكر أبو بكر في روايته: {الم (١) تَنزِيلُ} وقال: قدر ثلاثين آية (١).

* وأجيب عن هذا الاستدلال:

الجواب الأول:

أن هذا الحديث معارض لحديث أبي قتادة، وهو أرجح منه إسنادًا فحديث أبي قتادة في الصحيحين، وحديث أبي سعيد في مسلم، ومن طرق الترجيح تقديم المتفق عليه على ما رواه أحدهما.

وأقوى منه من حيث الدلالة، فدلالته على الاقتصار على الفاتحة في الأخريين دلالة نصية، لا تحتمل غيره. وأما حديث أبي سعيد فهو قائم على التقدير والتخمين وهو لا ينضبط، وعرضة للخطأ، فالآيات ليست متساوية، والقراءة تختلف، فقد يرتل المصلي قراءته، فتطول، وقد يقرأ الآيات حدرًا فتقصر، قد جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - في مسلم أنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من التي أطول منها، وبالجملة: فإن حديث أبي قتادة نص فلا يعارض بالتقدير والتخمين.

يقول ابن قدامة: «لو قدرنا التعارض وجب تقديم حديث أبي قتادة؛ لأنه أصح، ويتضمن زيادة، وهي ضبط التفريق بين الركعتين» (٢).

ويقول ابن القيم: «حديث أبي سعيد ليس صريحًا في قراءة السورة في الأخريين، فإنما هو حزر وتخمين» (٣).

الجواب الثاني:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ربما فعل ذلك؛ لبيان الجواز، فتكون القراءة في الثالثة والرابعة مباحة، وإن كانت السنة ترك القراءة فيهما.

قال ابن رجب: «وحمله طائفة من أصحابنا وغيرهم على أن هذا كان يفعله


(١). صحيح مسلم (١٥٦ - ٤٥٢).
(٢). المغني (١/ ٤١٠).
(٣). الصلاة (ص: ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>