للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الثالثة والرابعة لو كانت سنة متبعة لم يكن هناك فرق بين الصلاة وحده، وبين الصلاة بالناس، وإلا لاعتبر فعل ابن عمر قولًا آخر من الأقوال في المسألة، ولم أذكره في الأقوال لأني لم أفهم من فعل ابن عمر إلا ما دل عليه حديث أبي هريرة مرفوعًا في الصحيحين: (إذا صلى أحدكم للناس، فليخفف ... وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء) (١).

ولأنه لم يحفظ في السنة المرفوعة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين السور في الركعة الواحدة في الفريضة، وإنما حفظ ذلك في النافلة؛ للسبب نفسه، لأن النفل يحتاج فيه المصلي إلى طول القيام بخلاف الفرض.

ولأنه حين ترك القراءة في ثالثة المغرب خلافًا لفعل أبي بكر كان راجعًا إلى عدم استحباب التطويل في صلاة المغرب، فالسنة في المغرب أن تكون القراءة في الأوليين من قصار المفصل، فإذا قصرت القراءة في الأوليين لم يكن هناك حاجة إلى إطالة الركعة الثالثة، والله أعلم.

وبالتالي لا يمكن أن نأخذ من هذا الأثر استحباب قراءة ما زاد على الفاتحة في الثالثة والرابعة من الفريضة، والله أعلم.

* دليل من قال: يباح فعله ولا يسن:

حملوا حديث أبي قتادة على أنه هو السنة، لأنه جاء بلفظ: (كان يقرأ في الأوليين بأم الكتاب وسورة وفي الأخريين بأم الكتاب) فالفعل (كان) يدل على الدوام والاستمرار.

وحملوا حديث أبي سعيد الخدري أنه فعل ذلك لبيان الجواز؛ لأنه قام على تقدير القراءة بتقدير طول القيام، وقد يكون هذا التقدير لبعض الصلوات، وليس لكل صلواته، وإلا لكان معارضًا لحديث أبي قتادة، وهو أصح منه.


(١). رواه البخاري (٧٠٣) من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
ورواه مسلم (١٨٤ - ٤٦٧) من طريق معمر، عن همام بن منبه،.
ورواه مسلم (١٨٥ - ٤٦٧) من طريق ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ثلاثتهم عن أبي هريرة. ولم يذكر أبو سلمة قوله: (وإذا صلى وحده ... إلخ).

<<  <  ج: ص:  >  >>