ومما يدل على الإباحة فعل ابن عمر رضي الله عنهما حيث كان يفعل ذلك إذا صلى وحده، فلو كان يراه من السنة لفعله إذا صلى بالناس، وقد سبق لك توجيه فعل ابن عمر على الإباحة.
* دليل من قال: يكره القراءة في الثالثة والرابعة:
اعتمد هذا القول إلى ترجيح حديث أبي قتادة على حديث أبي سعيد الخدري، وقد عرفت مستند الترجيح:
فحديث أبي قتادة في الصحيحين، وحديث أبي سعيد من أفراد مسلم.
وحديث أبي قتادة صريح الدلالة، وحديث أبي سعيد ظاهر الدلالة، وإذا تعارض الصريح والظاهر قدم الصريح.
وإذا ترجح حديث أبي قتادة، وأنه هو السنة كانت مخالفة السنة مكروهة، أو خلاف الأولى بخلاف ترك السنة، فقد لا يلزم من تركها الوقوع في المكروه؛ لأن هذا الذي قرأ يقال له: ما أردت بفعلك؟ فإن قال: زيادة الأجر، قيل: هذا استدراك على الشارع، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يقرأ في الثالثة والرابعة زيادة على الفاتحة، وإن لم يرد الأجر كان ترك القراءة أولى من فعله، فالتحق بالمكروه.
* ونوقش:
بأن حديث أبي سعيد حديث صحيح، ولا يلزم من كون حديث أبي قتادة أصح أن يطرح حديث أبي سعيد، إلا لوكان الحديثان متعارضين، ولا سبيل إلى الجمع بينهما، فإذا أمكن الجمع بين الدليلين لزم ذلك؛ لأن سلوك الترجيح يؤدي إلى طرح أحد الدليلين مع ثبوت صحته، والجمع إعمال لهما جميعًا، فتعين. وسيأتي كيفية الجمع بينهما بلا تكلف فيما بقي من أدلة المسألة، والله أعلم.
* دليل من قال: يقرأ في الثالثة والرابعة من الظهر خاصة:
(ح-١٤٧٤) ما رواه مسلم، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، جميعًا عن هشيم، عن منصور، عن الوليد بن مسلم، عن أبي الصديق،
عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نحزر قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر