للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة {الم (١) تَنزِيلُ} السجدة وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك» ولم يذكر أبو بكر في روايته: {الم (١) تَنزِيلُ} وقال: قدر ثلاثين آية (١).

وجه الاستدلال:

الحديث يدل على أنهم قدروا قيامه - صلى الله عليه وسلم - في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر: أي بمقدار خمس عشرة آية، نصفها متعين للفاتحة، وقدروا قيامه في الأخريين من العصر على النصف من ذلك. أي أن قيامه في الأخريين من العصر لا يتجاوز قدر سبع آيات، وذلك يعني أن قيامه بمقدار فاتحة الكتاب.

فهذا دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزيد في الأخريين من العصر على فاتحة الكتاب بخلاف الظهر.

وإذا كان لا يزيد في الأخريين من العصر على فاتحة الكتاب، فهو لا يزيد في العشاء، ولا في المغرب لعدم الدليل المقتضي، فالقراءة في العشاء على قدر القراءة في العصر، والقراءة في الأوليين من المغرب من قصار المفصل، فالأخريان لا قراءة فيهما، ولا يصح القول بقياسهما على الظهر؛ لانتقاضه بصلاة العصر، وهي رباعية، فصار حديث أبي سعيد خاصًّا بالثالثة والرابعة من الظهر وحدها، والله أعلم.

* ونوقش:

بأن قوله: (حزرنا قيامه في الأخريين) فقيام مفرد نكرة مضافة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيحتمل الحديث: أن المراد جميع قيامه في الركعة، كما تفيده دلالة النكرة إذا أضيفت إلى معرفة، كما قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ} فـ (نعمة) وإن كانت بلفظ المفرد إلا أنها اكتسبت العموم بإضافتها إلى لفظ الجلالة، ولهذا قال: لا تحصوها.

ويحتمل أن الصحابي أراد بالتقدير فيما سوى الفاتحة؛ لكونها معلومة، فلم


(١). صحيح مسلم (١٥٦ - ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>