للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في تعليقة القاضي حسين: «لو قرأ السورة قبل الفاتحة لم يحسب، وقال الشافعي نصًّا، أَسْتَحِبُّ له أن يعيد السورة بعد الفاتحة» (١).

وقيل: يكره، وقراءته صحيحة، اختاره ابن حزم (٢).

* دليل الحنفية على وجوب تقديم الفاتحة:

قال ابن نجيم: يجب تقديم الفاتحة على السورة؛ لثبوت المواظبة منه - صلى الله عليه وسلم - (٣).

يعني: وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: كما في حديث مالك بن الحويرث: (صلوا كما رأيتموني أصلي). رواه البخاري، وسبق تخريجه.

ومذهب الحنفية قائم على مسألتين:

إحداهما: وجوب قراءة ما زاد على الفاتحة.

الثانية: وجوب الترتيب بينها وبين الفاتحة.

ومنزعهم في المسألتين ضعيف،

أما منزعهم في وجوب ما زاد على الفاتحة: فقد أفردت لهذه المسألة مبحثًا مستقلًّا، وبينت أنه قول مرجوح، وأن حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، مفهومه: أن من قرأ فاتحة الكتاب فله صلاة. يعني فيما يتعلق بالقراءة، إلا أن الحنفية لا يرون المفهوم حجة مطلقًا، وهي مسألة خالفوا فيه الجمهور، وأدلة المسألة يراجع فيها أصول الفقه.

وأما منزعهم في وجوب الترتيب: فهو المواظبة على هذا الترتيب من فعله - صلى الله عليه وسلم -، حيث لم يحفظ أنه خالف في ذلك ولو مرة واحدة ليبين الجواز.

والمواظبة بمجردها لا تكفي حجة للقول بالوجوب، فهناك عبادات كثيرة واظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذهب الحنفية إلى القول بوجوبها، من ذلك الوضوء، وسنة الفجر، وغيرهما، فالفعل المجرد يدل على الاستحباب، والمواظبة قد تجعل منها سنة مؤكدة، لكن لا يمكن القول بالوجوب لمجرد المواظبة، حتى يلحق


(١). تعليقة القاضي حسين (٢/ ٧٤٨).
(٢). المحلى (٣/ ١٧).
(٣). البحر الرائق (١/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>