للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلي الإثم إذا تعمد الإخلال بها، والله أعلم.

* دليل الجمهور على استحباب إعادة السورة بعد الفاتحة:

أن القراءة بعد الفاتحة سنة في الصلاة في مَحَلِّها، ومحلُّها بعد الفاتحة، لا قبلها، فإذا جاء بالسنة في غير محلها لم تحسب، وكأنه لم يفعل شيئًا، كما لو قرأ التشهد في القيام، واستحب له الإعادة، ولم تجب؛ لأن قراءة ما زاد على الفاتحة ليس بواجب أصلًا، ولا يوجب ذلك سجود سهو؛ لأن القيام محل للقراءة في الجملة.

* دليل ابن حزم على كراهة تقديم السورة مع صحة الصلاة:

قال ابن حزم: «عمل المسلمين وعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو تقديم أم القرآن، فكرهنا خلاف هذا، ولم نبطل الصلاة به؛ لأنه لم يَأْتِ عنه نهي، وقد قال تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}. [المزمل: ٢٠]، والعجب ممن يشنع هذا، ويجيز تنكيس الوضوء، وتنكيس الطواف، وتنكيس الأذان» (١).

* الراجح:

أما القول بوجوب الترتيب بين الفاتحة والسورة فهو ظاهر الضعف.

وأما القول باستحباب الترتيب بينهما فهو ظاهر، ويبقى الخلاف في مسألتين:

في استحباب إعادة القراءة. وفي كراهة تقديم السورة على الفاتحة.

فأما الأولى: فإذا جاء بالقراءة قبل الفاتحة أيعتبر هو ومن لم يقرأ سواء، أم يقال: إن القراءة محلها القيام، وهذا سنة، وكونها بعد الفاتحة سنة أخرى، فإخلاله بالمحل لا يعود بالإخلال على القراءة، فاعتباره كأنه لم يقرأ فيه ضعف، وعليه فاستحباب الإعادة قد يحتاج إلى دليل.

وقد يقال: إن السنة الأخرى وهو كونها بعد الفاتحة لم يفت محلها، والقيام كله محلٌّ للقراءة، فإذا قرأ قبل الفاتحة فقراءته صحيحة، فإذا فرغ من الفاتحة استحب له القراءة أيضًا لأن هذا محل للقراءة أيضًا فيستحب له القراءة، لا سيما إذا قرأ غير الآيات التي قرأها حتى لا يقال: أعادها، فالتوجيه هذا قول أقوى من القول


(١). المحلى (٣/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>