للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

قوله: (ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية).

فإذا ثبت أن هذا كان من سنته في الصلاة فإن مخالفة السنة في الصلاة مكروهة.

* ويناقش:

إذا رُتِّبَتْ الكراهة على ترك السنة، فينبغي أن يوقف هنا وقفة في تعريف أقسام الكراهة عند الأصوليين، ومتى يكون ترك السنة من قبيل المكروه.

فالكراهة ليست على درجة واحدة، فمن المكروه: ما نهى عنه الشارع لا على سبيل الإلزام، وهذا أعلى درجات الكراهة، وهذه الكراهة لا تنطبق على مسألتنا، حيث لم يحفظ نهي من الشارع عن تطويل الثانية على الأولى.

ومنها مخالفة السنن المؤكدة، مثل ترك سنة الوتر، فالحنفية يجعلون ترك مثل ذلك من قبيل ارتكاب الحرام، والجمهور يلحقونه بالمكروه، ويجعلونه أخف من المكروه الذي توجه له نهي الشارع عن فعله لا على سبيل الإلزام، ويطلق عليه بعضهم خلاف الأولى.

يقول ابن نجيم: «السنة إذا كانت مؤكدة قوية لا يبعد أن يكون تركها مكروهًا كراهة تحريم، كترك الواجب، فإنه كذلك، وإن كانت غير مؤكدة فتركها مكروه تنزيهًا» (١).


(١). البحر الرائق (٢/ ٣٤)، فالحنفية يقسمون المنهيات:

الحرام: ما ثبت بدليل قطعي، يليه: المكروه كراهة تحريم: ما ثبت بدليل ظني، يلي ذلك: المكروه كراهة تنزيه، فالمكروه تحريمًا نسبته إلى الحرام كنسبة الواجب إلى الفرض. انظر الدر المختار (ص: ٦٥٠).
بخلاف الشافعية، فإنهم يقسمون المنهيات: إلى حرام، ومكروه، وخلاف الأولى.
قال النووي عن مسألة فقهية في شرحه على صحيح مسلم (٤/ ١٧٨): «لا كراهة فيه، ولكنه خلاف الأولى»، فنفى عنه الكراهة، وأثبت له خلاف الأولى، وخلاف الأولى يختلف عن المباح المستوي الطرفين. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>