وهذا القسم من الكراهة لا ينطبق على مسألتنا، لأن إطالة الأولى في الصلاة ليس من السنن المؤكدة، وذلك أن السنن تتفاوت، وهي أقسام.
الأول منها: ما أمر بها الشارع لا على سبيل الإلزام، وحث عليها، وداوم على فعلها، فهذه أعلى درجات السنن وآكدها، وتركه يوقع في القسم الثاني من الكراهة، وهو خلاف الأولى خلافًا للحنفية حيث يجعلونه من المكروه كراهة تحريم.
الثاني من السنن: ما أمر به الشارع، ولم يواظب عليها، وهذه دون الأولى.
الثالث من السنن: ما ثبت بمجرد الفعل، ولم يأمر بها، وهذه لا كراهة في تركها، سواء أكانت من السنن التي داوم على فعلها، أم كانت من السنن التي كان يتركها أحيانًا في الحضر، أو يتركها في حال السفر، وهو دون التي فوقها، كراتبة الظهر والمغرب والعشاء، وهذه أخف من كل ما سبق.
فإذا بحثنا في سنة تطويل الركعة الأولى على الثانية، فلم يحفظ أمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعلها، ولم يحث عليها، ولم يواظب على فعلها، بدليل أن بعض القراءات المنصوصة تكون الركعة الثانية أطول من الركعة الأولى، كما في قراءة الغاشية مع سبح في الجمعة والعيد، وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفلق والناس، والأخيرة أطول من التي قبلها، لهذا لا يمكن أن تكون من قسم المكروه الأخف، وهوما عبر عنه بعض الأصوليين بقوله: خلاف الأولى، وبالتالي لا نستطيع أن نقول: إنه يلزم من ترك هذه السنة الوقوع في المكروه إلا في السنن المؤكدة، التي أمر بها، وواظب على فعلها، ولم يتركها حضرًا ولا سفرًا، كترك سنة الفجر، فيقال: إنها من قسم المكروه الأخف، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين تيمم لرد السلام: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر، وليس ذكر الله مكروهًا بمعنى أن الشارع نهى عنه نهيًا غير جازم، وإنما هذه الكراهة من قبيل مخالفة الأكمل، ولهذا قالت عائشة: كان يذكر الله على كل أحيانه كما في مسلم، ولا يلزم من ذلك الوقوع في المكروه والذي هو من القسم الأول، والله أعلم.
* دليل من قال: تكره إطالة الثانية في الفرض:
أن النفل أوسع من الفرض، وأسهل، ويغتفر فيه ما لا يغتفر في الفرض، وإذا