للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستماع، ولو كان خارج المسجد، أم يجب الاستماع بمجرد دخوله المسجد قبل أن يجلس، أم لا يجب الاستماع حتى يصلي تحية المسجد؟

فحديث جابر في قصة سليك الغطفاني يبين أنه لا يجب الاستماع حتى يصلي تحية المسجد، وبالتالي لا يصح أن يقال: الواجب لا يترك إلا لواجب؛ لأن ذلك مقيد بما إذا شُرِعا في محل واحد، ونظير هذا الرجل يدرك الإمام قائمًا في الصلاة، ويغلب على ظنه أن القيام الباقي قد لا يسع إلا مقدار الفاتحة، ومع ذلك له أن يستفتح قبل الفاتحة، والاشتغال بالاستفتاح اشتغال بسنة عن ركن أو واجب، ولا تثريب عليه إذا فاتت في أحد قولي أهل العلم؛ لأن هذا هو الترتيب المأمور به في الصلاة، مع أنه لو ترك الاستفتاح متعمدًا لم تبطل صلاته في أصح قولي أهل العلم، والله أعلم.

• دليل الجمهور على سنية تحية المسجد:

الدليل الأول:

نقل بعض أهل العلم الإجماع على أن تحية المسجد ليست واجبة، فقد حكى الإجماع على سنيتها الحلبي من الحنفية (١).

وقال ابن تيمية: «أجمع فقهاء المذاهب الأربعة والظاهرية وغيرهم على أن صلاة تحية المسجد ليست بفرض، ولا واجب، وأنها من النوافل، ولا يسن لها الجماعة» (٢).

يقصد ابن تيمية بالظاهرية ابن حزم، وأما إمام المذهب داود، فقد قال بوجوبها.

وقال النووي: «هي سنة بإجماع المسلمين» (٣).

وقال ابن حجر: «اتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب» (٤).


(١). البحر الرائق (٢/ ٣٨).
(٢). نقل ذلك صاحب كتاب الأقوال المرضية في صلاة التحية (ص: ١٦)، وأحال على مجموع الفتاوى (٢٣/ ٤١٣)، وقد أعياني الوقوف على هذا الكلام لابن تيمية في كتبه، واستعنت ببعض الأصدقاء، وبالحاسب، وفي كتاب موسوعة الإجماع لشيخ الإسلام ابن تيمية ولم أقف على هذا النص، فلعل في المسألة خطأ ما في أثناء تبييض مسودة الكتاب، فالله أعلم.
(٣). شرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ٢٢٦).
(٤). فتح الباري (١/ ٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>