للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونوقش هذا الحديث:

بأن الراوي قال: لا أدري أنسيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أم قرأ ذلك عمدًا؛ لأنه لم يعهد من النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته أنه كان يفعل ذلك.

* وأجيب:

قال الشوكاني: «إذا دار الأمر بين أن يكون مشروعًا أو غيرَ مشروع؛ فَحَملُ فعلِه - صلى الله عليه وسلم - على المشروعية أولى؛ لأن الأصل في أفعاله التشريع، والنسيان على خلاف الأصل» (١).

الدليل الثاني:

(ح-١٥٠٥) روى البخاري ومسلم من طريق عبد الله بن وهب، حدثنا عمرو، عن ابن أبي هلال، أن أبا الرجال: محمد بن عبد الرحمن، حدثه، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، وكانت في حجر عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -،


= والخلط في الحديث محمول على وصل مرسل أو رفع موقوف ونحو ذلك، فلا يبعد أن يكون هذا الحديث من هذه الأحاديث التي أخذها الإمام أحمد على سعيد بن أبي هلال، ومعلوم أن الإمام أحمد من الأئمة المعتدلين في الجرح والتعديل، ولا يلقي مثل ذلك الكلام جزافًا إلا عن تتبع واستقراء، فهو عندي جرح مفسر مقدم على التعديل، فإذا أضفت إلى كلام الإمام أحمد كلام أبي زرعة بعد أن عرض أحاديثه على حديث ابن أبي فروة، وابن سمعان ووقوفه على وجود شبه بينها لا يشبه حديث الثقات الذين يحدثان عنهم، وأضفت مع ذلك شك الليث بن سعد وهو من بلده، ومن طبقة شيوخه، وكونه روى عنه نازلًا يدل على أنه كان ينتقي من أحاديثه، ولو نزل في السماع درجة، كل ذلك يجعلك لا تستبعد أن يكون سعيد بن أبي هلال وإن كان ثقةً أو صدوقًا في الجملة إلا أن له أوهامًا وتدليسًا، ومنها وهمه في وصل هذا الحديث، وأن المعروف فيه الإرسال، هذا على الجزم بأن الوهم جاء من الرواة عن معاذ، لا منه، والله أعلم.
وقد رواه أبو داود، وسكت عنه في سننه.
وقال النووي: رواه أبو داود بإسناد صحيح، انظر: الخلاصة (١٢٢٦)، المجموع (٣/ ٣٨٤).
وقال ابن حجر: رواته موثقون. انظر نتائج الأفكار (١/ ٤٣٥).
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (٢/ ٢٥٤): «وليس في إسناده مطعن، بل رجاله رجال الصحيح، وجهالة الصحابي لا تضر عند الجمهور، وهو الحق».

(١). نيل الأوطار (٢/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>