للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخبروه أن الله يحبه (١).

فقوله: (يختم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} أكان يقصد يختم قراءته فلا دليل فيه على تكرار السورة، أم كان يقصد بأنه يختم قراءة كل ركعة؟ فيكون فيه دليل على جواز تكرار السورة في كل ركعة، ويدل على الاحتمال الثاني:

(ح-١٥٠٦) ما رواه البخاري معلقًا، قال: قال عبيد الله: عن ثابت،

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح: بقل هو الله أحد، حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه، فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما تقرأ بها، وإما أن تدعها، وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبروه الخبر، فقال: «يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها، فقال: حبك إياها أدخلك الجنة (٢).

[اختلف فيه في وصله وإرساله، وأعله الدارقطني بالإرسال] (٣).

وظاهر الحديث أن ذلك كان يقع في صلاة الفرض؛ لمشروعية الجماعة في الصلاة، وما صح في الفرض صح في النفل إلا بدليل.

ودلالة الحديث على الجواز ظاهرة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل الأمة محبة ومعرفة بصفة الرحمن، ولم يفعل ذلك، ولم يأمر الأمة بفعله، وإنكار الصحابة يدل على أنه


(١). صحيح البخاري (٧٣٧٥)، وصحيح مسلم (٢٦٣ - ٨١٣).
(٢). صحيح البخاري (١/ ١٥٥).
(٣). سبق تخريجه، انظر (ح: ١٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>