للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيَّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وصيام رمضان». قال: هل علي غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوع». قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع. قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق (١).

وجه الاستدلال:

قوله: (هل علي غيرها، قال: لا إلا أن تطوع) نص في أن الزيادة على الخمس لا يكون إلا تطوعًا، وقوله: (أفلح إن صدق) صريح أنه لا يأثم إذا ترك غير الخمس.

• ونوقش هذا الجواب من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول:

لا يصح الاحتجاج بالحديث على سقوط ما وجب بأدلة أخرى؛ لأنه يلزم من ذلك حصر جميع الواجبات الشرعية بالخمس المذكورة في الحديث، واللازم باطل؛ للإجماع بأن واجبات الشريعة أضعاف ما ورد في جواب الأعرابي، فالشريعة كانت تنزل تكاليفها متدرجة بما تقتضيه الحكمة الإلهية، وبحسب حاجات الناس.

• ويناقش:

بأن إيجاب صلاة أخرى غير الصلوات الخمس، ممكن عقلًا، ولا يوجد ما يمنع منه شرعًا، ولكن لا نسلم أن هناك صلاة وجبت زيادة على الخمس بعد ذلك، لا تحية المسجد، ولا صلاة الوتر، ولا غيرهما، فقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن بوجوب الصلوات الخمس، لا غير، وكان ذلك في آخر حياته، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاذ في اليمن، وقدم منها في خلافة أبي بكر رضي الله عنه (٢).


(١). صحيح البخاري (٤٦)، ورواه مسلم (١١).
(٢). انظر ترجمته في السير (١/ ٤٤٣ - ٤٦٨)، والإصابة (٦/ ١٣٦ - ١٣٨).

وقد روى مالك في الموطأ من رواية أبي مصعب الزهري (٦٨١)، عن طاوس اليماني أن معاذ ابن جبل الأنصاري أخذ من ثلاثين بَقَرَةً تبيعًا ومن أربعين بقرة مسنة ... قال في آخره: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ بن جبل، وطاوس لم يسمع من معاذ. ورواه أبو داود في المراسيل (١٠٨)، وانظر علل الدارقطني (٩٨٤)، والمسند المصنف المعلل (٢٤/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>