للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة الظهر تقام، فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله، فيتوضأ، ويدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الركعة الأولى مما يطيلها، رواه مسلم .... » (١).

الثالث: أن كل ذلك جائز على حد سواء.

قال ابن عبد البر: «فكل ذلك من المباح الجائز، أن يقرأ المرء بما شاء مع أم القرآن ما لم يكن إمامًا يُطَوِّل على من خلفه، وبنحو ذلك تواترت الآثار في القراءة عن النبي -عليه السلام- في الصلاة مرة يخفف وربما طول صنع ذلك في كل صلاة، وهذا كله يدل على أن لا توقيت في القراءة عند العلماء بعد فاتحة الكتاب، وهذا إجماع من علماء المسلمين ويشهد لذلك قوله عليه السلام: (من أَمَّ الناس فليخفف) ولم يحد شيئًا» (٢).

وأرى أن مقدار القراءة يختلف من جماعة لأخرى، فالجماعات التي في أسواق البيع والشراء يبادر بالإقامة، ولا يطيل الصلاة؛ لأنها تجمع فئات مختلفة من الناس، بعضهم من أهل السوق وبعضهم قد طرق السوق لحاجته من مكان بعيد، ويرغب في الانقلاب إلى مكانه أو قريته، فمثلهم يراعى في التخفيف، وأما الجماعات في الأحياء غير المطروقة، فإن الإمام يعلم حال جماعته، فيقتدي بأضعفهم، من كبير السن، أو كثير اللحم، أو صاحب مرض، فالإمام أدرى بما تطيق جماعته، فإذا علم من جماعته القوة والفراغ، والرغبة في إطالة الصلاة فإن المختار في مقدار القراءة لصلاة الظهر بأن تكون بين القراءة في الصبح والقراءة في العصر، فهي لا تبلغ قراءة الصبح في الطول، وفي نفس الوقت هي أطول من قراءة العصر والعشاء، وإذا قرأ أحيانًا بأوساط المفصل فلا حرج، والله أعلم.

* * *


(١). زاد المعاد (١/ ٢٠٣).
(٢). الاستذكار (١/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>