للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفعة واحدة، وإنما تبدأ تخف تدريجيًّا شيئًا فشيئًا حتى تتحول إلى بياض مستطيل في الأفق مشوبًا بصفرة، وهذا يقابله في وقت الصبح (الفجر الصادق) فإذا كان الفجر الصادق علامة على طلوع الصبح، فإنه في المغرب على العكس من ذلك، فغيابه علامة على انتهاء وقت المغرب، فزيادة المغرب بركعة واحدة لا تحدث مثل هذا الفرق في القراءة من الانتقال من طوال المفصل إلى قصاره، ولعل الفارق أن صلاة الصبح تبدأ بعد نوم الناس وراحة أبدانهم، وقمة نشاطهم، بخلاف المغرب، فهو في آخر النهار بعد يوم حافل من العمل وطلب الرزق، والمعول على النصوص في تقدير القراءة بعد أن يعلم الإمام أنه لا يوجد ما يدعو للتخفيف، من شغل، أو سهر ونحوه، والله أعلم.

* الراجح:

اختلاف المنقول في قدر القراءة في الصلوات يدل على أن أمر القراءة واسع،

وقد اختلف العلماء في الجمع بينها:

فقيل: الأصل طول القراءة، والتخفيف في الظهر عارض، إما لبيان الجواز، أو مراعاة اختلاف الوقت أو مراعاة أحوال المأمومين.

قال النووي: «واختلاف قدر القراءة في الأحاديث كان بحسب الأحوال، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم من حال المأمومين في وقت أنهم يؤثرون التطويل، فيطوِّل، وفي وقت لا يؤثرونه لعذر ونحوه، فيخفف، وفي وقت يريد إطالتها، فيسمع بكاء الصبي، كما ثبت في الصحيحين، والله أعلم» (١).

قال أبو بكر الأثرم: «الوجه في اختلاف الأحاديث في القراءة في الظهر أنه كله جائز، وأحسنه استعمالًا طول القراءة في الصيف، وطول الأيام، واستعمال التقصير في القراءة في الشتاء، وقصر الأيام، وفي الأسفار، وذلك كله معمول به» (٢).

الثاني: عكسه، أن الأصل التخفيف في قراءة الظهر، وأن تطويلها عارض.

قال ابن القيم: وأما الظهر فكان يطيل قراءتها أحيانًا حتى قال أبو سعيد: كانت


(١). المجموع (٣/ ٣٨٤).
(٢). فتح الباري لابن رجب (٧/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>