للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأحاديث كلها تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ أحيانًا بالسور الطوال، وهذه الكثرة لا تدل فقط على مطلق الجواز، بل تدل على الاستحباب أحيانًا بشرطه، وشرطه: أن تكون الجماعة محصورة، ويعلم رغبتهم في الإطالة، ولا يكون فيهم ضعيف أو ذو حاجة، وإلا فالأصل التخفيف.

* وأجيب عن هذه الأدلة بتأويلات منها:

التأويل الأول:

أن ذلك كان قبل النهي عن التخفيف، وكأن هذا القول يذهب إلى القول بأن القراءة بالطوال منسوخ، وقد صرح أبو داود في سننه بالنسخ.

وحجة أبي داود على النسخ أن حديث زيد بن ثابت مروي عن طريق عروة، وقد ورد عن عروة أنه يقرأ في المغرب بقصار المفصل (١).


= قلت: أخطأ فيه أبومعاوية الضرير، وهو ثقة في الأعمش، ويهم في حديث غيره.
قال الدوري: سمعت يحيى بن معين، يقول: روى أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر أحاديث مناكير. تاريخه (١٩٢٠).
وقد رواه جماعة عن عبيد الله، فرووه موقوفًا، وجعلوا القراءة في صلاة العشاء،
فرواه عبد الله بن نمير كما في مصنف ابن أبي شيبة (٣٦١٤)، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، أن ابن عمر كان يقرأ في العشاء بـ الذين كفروا، والفتح.
وتابعه أبو زهير الكوفي (عبد الرحمن بن مغراء) كما في فضائل القرآن للمستغفري (٩١٢)،
وعبد الوهاب الثقفي، وأنس بن عياض، ومحمد بن عبيد كما ذكر ذلك الدارقطني في العلل (١٣/ ٢٦)، كلهم رووه عن عبيد الله بن عمر به موقوفًا، وجعلوه في صلاة العشاء.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (٢٦٨١) عن عبد الله بن عمر (المكبر: ضعيف).
ورواه أيضًا عبد الرزاق في المصنف (٢٦٨٢)، عن معمر، كلاهما (عبد الله وأيوب) عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقرأ في الظهر: الذين كفروا و إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا.
وقال ابن أبي خيثمة: «سمعت يحيى بن معين يقول: إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه إلا عن الزهري وابن طاوس، فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا ... ».
(١). قال أبو داود في سننه (٨١٣): حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا هشام بن عروة، أن أباه كان يقرأ في صلاة المغرب بنحو ما تقرؤون: والعاديات ونحوها من السور.
قال أبو داود: هذا يدل على أن ذاك منسوخ. اهـ
وهذا إسناد صحيح مقطوع على عروة: أي موقوف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>