للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَدَّ ابن حزم تحية المسجد من النفل المؤكد، قال في المحلى: «ولولا البرهان الذي ذكرنا قبل بأن لا فرض إلا الخمس لكانت هاتان الركعتان فرضًا، ولكنها في غاية التأكيد» (١).

واختاره جماعة من المالكية، كأشهب، والصاوي وابن عاشر وغيرهم (٢).

قال القاضي عياض: «وعدها بعض أصحابنا في السنن» (٣)، إشارة منه إلى أن المذهب على خلافهم، وسيأتي النقل عن مذهب المالكية في القول الثاني.

وقيل: تحية المسجد ليست من النفل المؤكد، فقد عدها صاحب الخلاصة من الحنفية من المستحبات.

وقال ابن نجيم: «ومن المندوبات تحية المسجد» (٤).

والمندوب عند الحنفية أقل رتبة من السنن.

قال ابن عابدين: «والمختار عدم الفرق بين المستحب والمندوب» (٥).


(١). المحلى (٣/ ٢٧٧).
(٢). قال الدردير في الشرح الصغير (١/ ٤٠٥): «(وندب تحية المسجد) فعلق الصاوي في حاشيته، فقال: المناسب: وتأكد تحية المسجد؛ لأن تحية المسجد من جملة المتأكد، وإلا لم يكن لذكره بعد النفل معنى ... ». وسيأتيك أن المالكية يقسمون التطوع إلى سنة، وفضيلة، ونافلة. وانظر قول ابن عاشر في حاشية الدسوقي (١/ ٣١٣)، فقد نقله، ولم يتعقبه، وانظر المنتقى للباجي (١/ ٢٢٦)، الذخيرة للقرافي (١٠/ ٢١٩).
(٣). إكمال المعلم (٣/ ٤٩).
(٤). البحر الرائق (٢/ ٥٥)، وقد ذكر الحنفية في ترتيب الاصطلاح عندهم أن المندوب شرع لإكمال السنة، والسنة لإكمال الواجب، والواجب لإكمال الفرض، فكان الترتيب عندهم الفرض وهو الأعلى، يليه الواجب، فالسنة، فالمندوب، والسنة على نوعين:
سنن مؤكدة: وهي قريبة من الواجب، يضلل تاركها؛ لأن تركها استخفاف بالدين، كالجماعة، والأذان والإقامة، ولم يذكروا منها تحية المسجد.
وسنن غير مؤكدة، وتركها لا يوجب ذلك.
والنفل ومنه المندوب والمستحب يثاب فاعله، ولا يسيء تاركه، ففرق الحنفية بين المسنون والمندوب، وهو تفريق اصطلاحي، لكنه يجعل النفل ومنه المندوب والمستحب من النفل غير المؤكد. انظر حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٢٧٦)، حاشية ابن عابدين (١/ ١٠٣).
(٥). حاشية ابن عابدين (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>