للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن قدامة والمرداوي: لا نعلم فيه خلافًا (١).

وكيف يكون إجماعًا، وهو مخالف للسنة، حيث قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر بعد طلوع الشمس معتبرًا وقت الأداء، فجهر فيها، وصنع كما كان يصنع كل يوم، كما أنه مخالف لمذهب الحنفية والمالكية، وأحد الوجهين عند الشافعية.

واستدلوا بأن المعتبر الإسرار في قضاء صلاة الليل بالنهار؛ باعتبارها صلاة فعلت بالنهار، فكان المعتبر وقت القضاء.

فهذا القول لم يطرد، فهو اعتبر وقت الأداء في قضاء صلاة النهار مطلقًا، سواء أقضاها بالليل أم بالنهار، واعتبر وقت القضاء في قضاء صلاة الليل، فلم يعتبروا وقت الأداء دائمًا، ولا وقت القضاء دائمًا، ومثل هذا تَحَكُّمٌ لم يُبْنَ على دليل، بل هو مخالف للسنة كما ذكرت.

وقد استغربه شيخنا ابن عثيمين في تعليقه على الكافي، فقال: «وهذا غريب يعني: إن قضى صلاة النهار في الليل لم يجهر، وإن قضى صلاة الليل في النهار لم يجهر، وكان مقتضى هذا أن تكون الثانية بالعكس يعني أنه إذا قضى صلاة النهار في الليل لم يجهر؛ لأنه قضى صلاة سر، نقول كذلك إذا قضى صلاة الليل في النهار جهر؛ لأنه قضى صلاة جهر» (٢).

* الراجح:

أن المعتبر هو وقت الأداء، لا وقت القضاء، فالصلاة تقضى على نحو ما شرعت أداء، فإن شرع فيها الجهر قضاها جهرًا، ولو صلاها بالنهار، وإن شرعت الصلاة يسر فيها قضاها كذلك، ولو صلاها بالنهار، ولو قضى صلاة حضر في سفر صلاها تامة، ولو قضى صلاة سفر في حضر قصرها، وهكذا، فالقضاء يحكي الأداء، ولا عبرة بوقت القضاء؛ لأن الصلاة تقضى على نحو ما شرعت، والله أعلم.

* * *


(١). المغني (١/ ٤٠٨)، الإنصاف (٢/ ٥٧).
(٢). تعليقات ابن عثيمين على الكافي (١/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>