للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني:

قد يكون الصحابي سمع منه الآية لقربه منه، ولا يعني هذا أنه قصد الجهر بها، وقد تَسْمَعُ أحيانًا بعضَ قراءة من بجانبك، أو تسبيحه أو دعاءه، وإن لم يقصد بذلك الجهر، فلا يلزم من سماع قراءة بعض الآي من الإمام أن يكون قصد بذلك الجهر.

ويشكل على هذا التوجيه أن ظاهر قول الصحابي: (ويسمعنا الآية)، أنه يسمع جميع المصلين لا بعضهم، وأنه يقصد إسماعهم، لا أن السماع يحصل بلا قصد.

الوجه الثالث:

ربما جهر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلمهم أنه يقرأ، وحتى لا يظن أحد أن المشروع في الصلاة السرية السكوت بلا قراءة، كما ظن ذلك ابن عباس، فكان يسمعهم الآية أحيانًا لغرض التعليم، كما جهر بعض الصحابة بدعاء الاستفتاح لغرض التعليم، وليس الجهر فيه من السنة.

* ويجاب:

هذا الاحتمال صحيح، لكنه دليل على أن الجهر في السرية ليس حرامًا؛ إذ لو كان الإسرار واجبًا والجهر في السرية حرامًا لم يرتكب النبي - صلى الله عليه وسلم - المحرم لمصلحة التعليم؛ لأنه يمكنه إخبارهم بذلك خارج الصلاة.

الدليل الخامس: من الآثار.

(ث-٤١٨) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن داود، عن الشعبي،

أن سعيد بن العاص صلى بالناس الظهر والعصر فجهر بالقراءة، فسبح القوم، فمضى في قراءته، فلما فرغ صعد المنبر فخطب الناس، فقال: في كل صلاة قراءة، فإن صلاة النهار الخرس، وإني كرهت أن أسكت فلا ترون أني فعلت ذلك بدعة (١).

[صحيح].

(ث-٤١٩) ما رواه الطبراني في الكبير، قال: حدثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن أشعث بن أبي الشعثاء،


(١). المصنف (٣٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>