للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعصر؟ ولكنا نقرأ (١).

قال ابن الجوزي: «قوله: (ويسمعنا الآية أحيانًا): ... وذلك لا يخرج الصلاة عن كونها صلاة إخفاء» (٢).

هذا أهم ما وقفت عليه من كلام فقهائنا عليهم رحمة الله تعالى، وهو يدور على احتمالين:

أحدهما: أكان حصول هذا بقصد من النبي - صلى الله عليه وسلم - أم كان سماع أبي قتادة لقراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقربه منه، ولا يعني هذا أنه قصد الجهر بها، وقد تَسْمَعُ أحيانًا بعضَ قراءة من بجانبك، أو تسبيحه أو دعاءه، وإن لم يقصد بذلك الجهر، فلا يلزم من سماع قراءة بعض الآي من الإمام أن يكون قصد بذلك الجهر.

ويشكل على الثاني: أن ظاهر قول الصحابي: (ويسمعنا الآية)، أنه يسمع جميع المصلين لا بعضهم، وأنه يقصد إسماعهم، وهو الاحتمال الأقوى؟

الثاني: اختلافهم في الباعث على الجهر، والراجح فيه أن الجهر لإعلامهم بمشروعية القراءة في السرية، والوقوف على السورة التي كان يقرأ بها للتأسي بفعله - صلى الله عليه وسلم -، وأما القول بأنه فعله لبيان أن الإسرار في السرية سنة؛ وليس بواجب، فهو قول مرجوح، لأن ذلك لو كان هو المقصود لجهر بالقراءة كلها، ولم يقتصر بالجهر على آية من القراءة؛ لأن الجهر بالآية لا يخرج صلاته عن حد الإسرار، فلم يحصل المقصود من الجهر، والله أعلم.

* * *


(١). المسند (١/ ٢٣٤)، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٦٣٧)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (١٢/ ١٣٩) ح ١٢٧٠٠، عن وكيع به.
وهذا إسناد منقطع، قال عبد الله بن أحمد كما في العلل ومعرفة الرجال (١/ ١٤٣): سمعت أبي يقول الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس شيئًا.
وانظر: التاريخ الأوسط (١/ ٢٩٦)، المراسيل (١٥٥).
(٢). كشف المشكل من حديث الصحيحين (٢/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>