للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ بشاذ منها، وإن لم يعين، كما أن حاتمًا نقلت عنه أخبار في الجود كلها آحاد، ولكن حصل من مجموعها الحكم بسخائه، وإن لم يتعين ما تسخى به، وإذا كان كذلك فقد تواترت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشاذ، وإن لم يتعين بالشخص، فيكف يسمى شاذًّا، والشاذ لا يكون متوترًا؟» (١).

* الجواب على الدليلين السابقين من وجهين:

الوجه الأول:

أن هذه القراءات وإن كنا نقطع بأن بعضها قد قرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخذها بعض الصحابة منه، لكن لا نستطيع القطع في أفراد هذه القراءات بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد قرأها؛ فلا يلزم من تواتر قراءته بهذه الأفراد من حيث الجملة تواتر أفراده؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم زمن عثمان لم يجمعوا عليها، فلا نقطع بقرآنيتها، ولا نجحدها، بل يستفاد منها في التفسير، وفي الأحكام، وخير مثال على ذلك حجة الوداع، فإن وقوعها متواتر، ولا يلزم من تواتر وقوعها تواتر الأخبار الواردة في صفتها، فلا تثبت آحاد هذه الأخبار لتواتر حجة الوداع، وقل مثل ذلك في أحاديث الشفاعة، وأحاديث رفع اليدين في الدعاء ونحوهما.

يقول مكي نقلًا من كتاب النشر: ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف، فهذا يقبل، ولا يقرأ به لعلتين:

إحداهما: أنه لم يؤخذ بإجماع، إنما أخذ بأخبار الآحاد ولا يثبت قرآنًا يُقْرَأُ به بخبر الواحد. (يعني أنه يثبت قراءة، ولا يثبت قرآنًا).

العلة الثانية: أنه مخالف لما قد أجمع عليه، فلا يقطع على مغيبه وصحته، وما لم يقطع على صحته لا يجوز القراءة به، ولا يكفر من جحده، ولبئس ما صنع إذا جحده ... إلخ (٢).

وهذا يبتنى على أصل: وهو أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة، فهل يجب القطع بكونه ليس منها؟


(١). منجد المقرئين ومرشد الطالبين لابن الجزري (ص: ٢٢).
(٢). النشر في القراءات العشر (١/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>