للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* دليل من قال: تصح القراءة بالشاذ مع الكراهة:

الدليل الأول:

لا نزاع بين العلماء أن القراءات السبع ليست هي الأحرف السبعة التي أنزل بها القرآن، وقد تقدم نقل إجماع السلف والخلف على ذلك في الفصل السابق (١).

والصحيح من أقوال أهل العلم، والذي عليه جماهير العلماء من السلف، والخلف وأئمة المسلمين أن المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، وليست هي مجموع الأحرف السبعة، ورجح ذلك ابن الجزري، وابن تيمية وغيرهما خلافًا لبعض الفقهاء وبعض القراء، وبعض المتكلمين (٢).

وإذا كان ذلك كذلك فإننا نقطع بأنه يوجد قراءات خارج القراءات السبع، والعشر تعتبر قراءات صحيحة، وإن خالفت رسم المصحف، بل قد تكون أصح من القراءات السبع.

الدليل الثاني:

هذه القراءات -التي اصطلح عليها بأنها شاذة؛ لكونها شذت عن رسم المصحف المجمع عليه- نقطع بأن بعضها قد قرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخذها بعض الصحابة منه، ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم قبل جمع عثمان مصحفه يقرؤون بقراءات لم يثبتها عثمان رضي الله عنه في مصحفه، وكانوا يصلون بها، ولا يرى أحد منهم تحريم ذلك، ولا بطلان صلاتهم به، وهذا بينهم كالإجماع.

فكيف نحكم على قراءتهم بأنها قراءة شاذة، ونحن نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد قرأ ببعض هذه القراءات، كما في قصة عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم؟

ولهذا كان يشكل على ابن دقيق العيد تسمية هذه القراءات بالشذوذ، فقد نقل عنه أنه قال: «هذه الشواذ إذ نقلت نقل آحاد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيعلم ضرورة أن


(١). الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٤/ ٤٢٢).
(٢). الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٤/ ٤٢٢)، انظر: مقدمة الحجة للقراء السبعة (ص: ٨)، الإبانة عن معنى القراءات (ص: ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>