للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفاظ الوحي المذكور في كتبة الحروف، أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرهما» (١).

ويقول الطوفي الحنبلي في شرح مختصر الروضة:

«اعلم أن بعض من لا تحقيق عنده ينفر من القول بعدم تواتر القراءات، ظنًّا منه أن ذلك يستلزم عدم تواتر القرآن، وليس ذلك بلازم، لما ذكرناه أول المسألة، من الفرق بين ماهية القرآن والقراءات، والإجماع على تواتر القرآن» (٢).

واختار الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، وأبو محمد المكي، والإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة:

أن ما وافق العربية، ولم يخالف رسم المصحف، وصح سنده، فهو قراءة يقرأ بها (أي قرآن)، لا يجوز ردها، ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووجب على الناس قبولها، سواء أكانت عن الأئمة السبعة، أم العشرة، أم غيرهما.

وما اختل فيها شرط منها فلا يقرأ بها، أي ليست قرآنًا، وإن اعتبرت قراءة (٣).

الدليل الثالث:

(ح-١٦٠١) روى البخاري ومسلم من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال:

سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: سمعت هشام بن حكيم ابن حزام، يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكدت أن أَعْجَلَ عليه، ثم أَمْهَلْتُهُ حتى انصرف، ثم لَبَّبْتُهُ بردائه، فجئت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ على غير ما أقرأتنيها، فقال لي: أرسله، ثم قال له: اقرأ، فقرأ، قال: هكذا أنزلت، ثم قال لي: اقرأ، فقرأت، فقال: هكذا أنزلت، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسر (٤).

فدل هذا الحديث أن هناك فرقًا بين اختلاف القراء وبين اختلاف الفقهاء،


(١). البرهان في علوم القرآن للزركشي (١/ ٣١٨).
(٢). شرح مختصر الروضة (٢/ ٢٣).
(٣). انظر النشر في القراءات العشر (١/ ٩، ١٤)، وانظر: القراءات وأثرها في التفسير والأحكام (ص: ٨٤).
(٤). صحيح البخاري (٢٤١٩)، وصحيح مسلم (٢٧٠ - ٨١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>