للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجتهم: بأن جمع القراءات في الصلاة بدعة محدثة، لا تعرف في الصدر الأول، ولم يعرف عن الصحابة أنهم قرؤوا في الصلاة بأكثر من قراءة واحدة، وكفى بهذا حجة في الامتناع عن الفعل.

وقيل: تجوز مطلقًا، حكاه الجزري عن أكثر الأئمة، وهو أحد القولين عن ابن تيمية (١).

قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: «يجوز أن يقرأ بعض القرآن بحرف أبي عمرو، وبعضه بحرف نافع، وسواء كان ذلك في ركعة، أو ركعتين، وسواء كان خارج الصلاة أو داخلها، والله أعلم» (٢).

وقيل بالتفصيل، وهو أرجحها:

قال ابن الجزري - رحمه الله: «والصواب عندنا في ذلك التفصيل والعدول بالتوسط إلى سواء السبيل، فنقول: إن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى فالمنع من ذلك منع تحريم، كمن يقرأ {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} بالرفع فيهما، أو بالنصب، آخذًا رفع آدم من قراءة غير ابن كثير، ورفع كلمات من قراءة ابن كثير ... وشبهه مما يركب بما لا تجيزه العربية ولا يصح في اللغة.

وأما ما لم يكن كذلك فإنا نفرق فيه بين مقام الرواية وغيرها.

فإن قرأ بذلك على سبيل الرواية، فإنه لا يجوز أيضًا من حيث إنه كذب في الرواية، وتخليط على أهل الدراية.

وإن لم يكن على سبيل النقل، بل على سبيل القراءة والتلاوة، فإنه جائز صحيح مقبول، لا منع منه ولا حظر، وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه تساوي العلماء بالعوام، لا من وجه أن ذلك مكروه، أو حرام؛ إذ كُلٌّ من عند الله، نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين تخفيفًا عن الأمة، وتهوينًا على أهل هذه الملة ... » (٣).


(١). النشر في القراءات العشر (١/ ١٨)، الفتاوى الكبرى (٢/ ١٨٦)، الزيادة والإحسان في علوم القرآن (٢/ ٣٠٢).
(٢). الفتاوى الكبرى (٢/ ١٨٦).
(٣). النشر في القراءات العشر (١/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>