للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي: «إذا قرأ بقراءة من السبع استحب أن يتم القراءة بها، فلو قرأ بعض الآيات بها، وبعضها بغيرها من السبع جاز بشرط أن لا يكون ما قرأه بالثانية مرتبطًا بالأولى» (١).

واعتبار هذا الشرط يرجع لأمرين:

الأول: ما قاله في تحفة المحتاج: «لاستلزامه هيئة لم يقرأ بها أحد» (٢).

الأمر الثاني: وجوب المحافظة على المعنى، فالتلفيق بين القراءات قد يترتب عليه اختلال المعنى، وليس كل قارئ للقرآن يعرف ما يخل بالمعنى مما لا يخل به.

ويقول فضيلة الشيخ محمد بن الحسن الددو الشنقيطي وفقه الله: «وأما التلفيق بين القراءات، فإذا كان في الكلمة الواحدة فهو محرم قطعًا، مثل من يجمع بين قراءتين متنافيتين؛ كالذي يرقق الراء في كلمة الآخرة، فإنه لا يحقق الهمزة، وهذا مثال في تحريف الكلمة الواحدة؛ لأنه لحن، وليس كلامًا من لغة واحدة.

وإذا كان في الجملة الواحدة فمحل خلاف، فقيل بتحريمه، وقيل بكراهته.

وإذا كان في الآية الواحدة، فهو مكروه قطعًا.

وإذا كان في آيتين، ولم يكن على وجه التعليل، فهو خلاف الأولى.

ومع ذلك فإن كثيرًا من أهل العلم يرى أن القراءات نفسها ملفقة من الحروف السبعة التي أنزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليست القراءة موافقة لحرف واحد، بل كل قراءة فيها أخذت من كل الحروف، ولا يمكن الجزم بهذا؛ لأن الجزم فيه صعب، ونحن نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنزل عليه القرآن على سبعة أحرف؛ لكن لم يبين لنا أن هذا هو الحرف الأول، وهذا هو الحرف الثاني، وهذا هو الحرف الثالث ... بل قرأ بالجميع، وأَقَرَّ الناس على قراءة الجميع، فبالإمكان أن يحفظ فلان من الناس سورة التوبة على الحرف الأول، ويحفظ هو نفسه سورة يس مثلًا على الحرف الخامس، وسورة أخرى على الحرف السادس، ويلفق الجميع، فيكون قد حفظ القرآن بحروفه


(١). المجموع (٣/ ٣٩٢)، التبيان في آداب حملة القرآن (ص: ٩٨)، مغني المحتاج (١/ ١٥٣).
(٢). تحفة المحتاج (٢/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>