أحكام الشريعة، وقد رآه مالك بن الحويرث يصلي جلسة الاستراحة، أكانت جلسة الاستراحة واجبة على مالك بن الحويرث، وقد رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يفعلها؟ وما يدري مالك بن الحويرث أن هذه الجلسة ليست واجبة، ومقامه عند النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرين يومًا، وقد أمر بأن يصلي كما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإن قلنا: إن جميع ما رآه مالك بن الحويرث واجب عليه أن يفعله، فقد خالفنا الإجماع، وإن قلنا: إن بعض ما رآه منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، كجلسة الاستراحة مثلًا، لم يصح الاستدلال بالحديث على وجوب التكبير، لهذا لا يمكن الاستدلال بمثل هذا الأمر العام المشتمل على أحوال وهيئات، وصفات وأقوال، أحكامها مختلفة، لا يمكن الاستدلال به على وجوب التكبيرات بهذا العموم، إلا لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اقتصر على الواجبات دون السنن طيلة بقاء مالك بن الحويرث في زيارته للمدينة، وإذ لا يمكن دعوى ذلك فلا ينهض الحديث دليلًا على وجوب أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، غاية ما يفيده حديث (صلوا كما رأيتموني أصلي) على مشروعية جميع ما رآه مالك مما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله في صلاته طيلة مقامه عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما دليل الركنية أو الوجوب فتؤخذ من أدلة أخرى، فالمقطوع به هو الاستحباب، ولا يصرف عن ذلك إلا بقرينة؛ ولأن الأصل في أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - المجردة الاستحباب، والله أعلم.
* دليل من قال: لا يسن التكبير إلا في الجماعة:
هذا القول نظر إلى أن التكبير من أجل إمكان الاقتداء، فالاقتداء بالإمام واجب، فإذا ركع أو سجد أو رفع وجب على المأموم أن يتابع الإمام في ذلك، ولا يمكنه العلم بذلك إلا عن طريق سماع التكبير، خاصة في حال الركوع والسجود، لهذا خُصَّ الأمر بالتكبير في حال الجماعة فقال في حديث أبي موسى السابق:(فإذا كبر فكبروا)، ولم يتوجه أمر بالتكبير إلا في حال الجماعة.
وبه نفهم لماذا لم يعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - المسيء في صلاته، لأنه يخاطبه في صلاته منفردًا، فقال:(إذا قمت إلى الصلاة فكبر ... ) إلخ الحديث.
* ويناقش:
إذا كان التكبير لإمكان الاقتداء فهو واجب لغيره، ويكون واجبًا على الإمام