مالك بن الحويرث قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فمكث عنده عشرين يومًا يصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ينصرف إلى أهله (صلوا كما رأيتموني أصلي) وإذا كان فيما شاهده مالك بن الحويرث من صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - منه ما هو واجب، ومنه ما هو من السنن كجلسة الاستراحة، لم يكن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صلوا كما رأيتموني أصلي) مقصورًا على الأمر بالواجبات دون السنن، وإذا لم يكن دليلًا على الوجوب في حق من وجه له هذا الخطاب مباشرة، لم يدل على الوجوب فيمن دخل في عموم الخطاب بصورة غير مباشرة.
الدليل الثاني:
أن من كبر قبل الركوع، أو أتمه بعده، فركوعه لا يعتد به، قياسًا على من تمم قراءته راكعًا، أو أخذ في التشهد قبل القعود؛ لوقوع الذكر في غير محله.
* ويناقش:
لا نسلم أن التكبير إذا وقع جزء يسير منه قبل الشروع أو بعده أنه في حكم مَنْ أوقع التكبير كله في غير محله؛ فإذا أوقع أكثر التكبير في محله فللأكثر حكم الكل، واليسير مغتفر، المهم ألا يوقع التكبير كله قبل الانتقال، أو يشرع فيه كله بعد الانتقال، فإن هذا التكبير في غير محله، فإن وقع ذلك منه لم يُعْتَدَّ به؛ لمخالفته السنة، وأما بطلان صلاته فإنه مبني على حكم تكبيرات الانتقال، والجمهور على أنها سنة، وهو الصواب لا سيما في حق المنفرد، والمأموم، وكذا في حق الإمام إلا أن يتوقف عليه اقتداء المأموم بالإمام، خاصة في حال الرفع من السجود والركوع، فيجب لغيره؛ والله أعلم.
* حجة المالكية في تأخير التكبير إذا قام من الركعتين:
ذكر خليل في التوضيح وجهين لهذا:
الأول: العمل، وكفى به. وروي أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله فأمرهم بذلك، فلم ينكر ذلك عليه أحد.
الثاني: أن التكبير على قسمين: إما مفتتح به ركن، كتكبيرة الإحرام. وإما في حال الحركة إذا انتقل عن ركن، كالتكبير للركوع وغيره، والجلوس الأول ليس