للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس (١).

وجه الاستدلال:

قول أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يكبر حين يركع) وقوله: (يكبر حين يهوي) وقوله: (يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه).

قال الترمذي: «وهو قول أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن بعدهم، قالوا: يكبر الرجل، وهو يهوي للركوع والسجود» (٢).

والأصل في أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - الاستحباب، ولو كان واجبًا لتوجه الأمر به من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته بيانًا للشريعة، وحرصًا على سلامة صلاة المسلمين من النقص، فلم يحفظ نص يأمر به الشارع المصلي أن تكون تكبيراته في أثناء الشروع، وأنه لو تعمد خلاف ذلك لبطلت صلاته، أو خالف ذلك ساهيًا لوجب أن يتدارك ذلك بسجود السهو، فإذا لم يثبت ذلك، فالأصل صحة الصلاة، وعدم وجوب سجود السهو.

* حجة من قال: يجب أن تكون تكبيرات الانتقال حين الشروع:

الدليل الأول:

قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة السابق: (يكبر حين يركع) وقوله: (يكبر حين يهوي) وقوله: (يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه).

فإن قيل: إن هذه أفعال، والفعل المجرد إذا كان على وجه التعبد يدل على المشروعية.

فالجواب: أن أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة على الوجوب؛ لقوله في حديث مالك بن الحويرث: (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري، فكانت جميع أفعاله - صلى الله عليه وسلم - بيانًا لهذا المجمل في قوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، والفعل إذا كان بيانًا لمجمل أخذ حكم ذلك المجمل إلا أن يدل دليل على أنه من السنن، كجلسة الاستراحة، ونحوها.

* ويناقش:

سبق لي مناقشة الاستدلال في حديث مالك على وجوب أفعال الصلاة، وأن


(١). صحيح البخاري (٧٨٩)، وساق مسلم إسناده، وأحال في لفظه على طريق آخر (٢٩ - ٣٩٢).
(٢). سنن الترمذي (٢/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>