للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولان، والله أعلم.

وهل يشترط أن يقبض ركبتيه بيديه،؟ قولان في مذهب المالكية، أصحهما لا يشترط.

فخلص لنا في المسألة خمسة أقوال:

الأول: أدنى انحناء يجزئ في الركوع، وهذا مذهب الحنفية.

الثاني: أن تحاذي كفاه ركبتيه، بحيث لو أراد قبض ركبتيه لقدر على ذلك، ولا يجب قبض الكفين على الركبتين، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.

الثالث: أن تقرب راحتاه من ركبتيه بحيث تكون رؤوس أصابعه على آخر فخذيه بالقرب من ركبتيه، وهذا مذهب المالكية.

الرابع: يجب أن يقبض ركبتيه بيديه، ولا يكفي مجرد الإمكان، وهو قول مرجوح في مذهب المالكية.

الخامس: أن يكون إلى الركوع أقرب منه إلى القيام، اختاره بعض الحنفية وبعض الحنابلة.

وأجد أن هذا الأخير هو أقرب هذه الأقوال؛ لأن ما قرب من الشيء يعطى حكمه في الشرع، فمطلق الانحناء إذا كان إلى القيام أقرب فهو في حد القيام، أو في فاصل بين القيام والركوع، وقد قال الحنفية: إن الرجل لو جاء إلى الإمام، وهو راكع، فحنى ظهره، ثم كبر تكبيرة الإحرام إن كان إلى القيام أقرب صحت تكبيرة الإحرام، وإن كان إلى الركوع أقرب لم تصح، فصححوا تكبيرة الإحرام وهو منحنٍ، وأعطوه حكم القيام إذا كان إلى القيام أقرب، وهكذا قال النووي من الشافعية (١).

قال في الجوهرة النيرة: «وحد القيام: أن يكون بحيث لو مد يديه لا ينال ركبتيه» (٢).

فلم يخرج عن حد القيام بمجرد الانحناء، فتأمل قول الحنفية هذا مع قولهم في أقل الركوع المجزئ، والله أعلم.


(١). انظر: البحر الرائق (١/ ٣٠٨)،.
(٢). الجوهرة النيرة (١/ ٥٠)، حاشية ابن عابدين (١/ ٤٤٤، ٤٥٢، ٤٨٠)، النهر الفائق (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>