للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاتفاق، واختلفوا في وجوب وضع اليدين على الركبتين.

وأما ما زاد على هذه الثلاثة: (الركوع، والاطمئنان فيه، ووضع اليدين على الركبتين)، فلا أعلم أحدًا قال بوجوبه من المتقدمين إلا ما يمكن أن يفهم من كلام ابن حزم، وليس بالصريح، وهو محسوب من المتأخرين.

يقول ابن حزم في المحلى: «من العظائم التي نعوذ بالله عز وجل منها أن يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل كذا أو كذا، وافعلوا كذا وكذا، فيقول قائل بعد أن سمع هذه الأخبار: إن الصلاة تتم دون ذلك، مقلدًا لمن أخطأ ممن لم يبلغه الخبر، أو بلغه فتأوَّل غير قاصدٍ لخلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك من الباطل والتلاعب بالسنن أن ينص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمور ذكر أن الصلاة لا تتم إلا بها، فيقول قائل من عند نفسه: بعض هذه الأمور هو كذلك، وبعضها ليس كذلك، فإن أَقْدَمَ كاذبٌ على دعوى الإجماع في شيء من ذلك فقد كذب على جميع الأمة. وادعى ما لا علم له به» (١).

فكأن ابن حزم يذهب إلى صحة حديث رفاعة بن رافع رضي الله عنه في كل ألفاظه، فكل ما ورد الأمر به فهو يرى وجوبه في الركوع، ويلزمه أن يذهب إلى وجوب مَدِّ الظهر، حيث ورد في بعض ألفاظه، وإن لم يصرح ابن حزم في أكثر من وجوب الركوع، والطمأنينة، ووضع اليدين على الركبتين. ولم يتعرض لِمَدِّ الظهر، والله أعلم.

ولو قيل: إن وضع اليدين على الركبتين وتفريج الأصابع ومد الظهر من واجبات الركوع للأمر بها في حديث رفاعة، لا أنها شرط لتحقيق الاطمئنان، ولا أن الاطمئنان في الركوع لا يحصل إلا بها، لأمكن البحث في صحة القول بالوجوب بناء على صحة هذه الزيادات التي انفرد بها حديث رفاعة في قصة المسيء في صلاته، ولم تذكر في حديث أبي هريرة، وهو في الصحيحين.

وأما القول بأن الاطمئنان لا يحصل إلا بها، وأن الإخلال بها إخلال بالاطمئنان الذي هو ركن من أركان الصلاة، فهذا محل البحث. والقول به فرع عن مسألة


(١). المحلى (٢/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>