أخرى: هل الاطمئنان في الركوع له حقيقة شرعية، أم حقيقة لغوية؟
فإن كان الاعتماد على حقيقة الاطمئنان في اللغة، فهو حاصل، ولو لم يضع يديه على ركبتيه، ولم يمد ظهره، فالركوع هو الانحناء تعظيمًا.
والاطمئنان فيه: هو السكون منحنيًا حتى يستوي كل عضو في مقره، وهذا حاصل ولو لم يمد ظهره، ويضع يديه على ركبتيه، كما قال في حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته:(ثم اركع حتى تطمئن راكعًا).
وإن زعمنا أن الاطمئنان له حقيقة شرعية، تفارق حقيقته اللغوية، فهذا يحتاج إلى أمرين:
أحدهما: التصريح بأن الركوع له حقيقة شرعية، ولم أقف على قائل به من المتقدمين.
الثاني: أن يثبت ذلك بأحاديث لا نقاش في صحتها، أما الاعتماد على الزيادات التي وردت في حديث رفاعة مع الاختلاف الشديد في ألفاظه، فلا أظن ذلك صحيحًا، وهو يؤدي إلى القول بأن دعاء الاستفتاح وتكبيرات الانتقال ركن، وهو قول ضعيف، وقل مثل ذلك في جميع زيادات حديث رفاعة، ولو صحت هذه الزيادات في حديث رفاعة لم يستفد منها هذه الدلالة، بحيث يجعل كل هذه الزيادات أركانًا في العبادة، وشرطًا في حصول الاطمئنان في الركوع، بل هي قدر زائد على الاطمئنان، فيصح أن يقال على فرض ثبوتها: إن هذه واجبات للركوع، والإخلال بها يدخل في الإخلال بالواجبات، ولا يدخل في الإخلال بالأركان، فمن تركها سهوًا جبرها بسجود السهو على القول بثبوت هذه الزيادات، ويكون القول بمثل ذلك فرعًا عن الحكم بصحة حديث رفاعة، لا أنها من الأركان، ولا أنها شرط لحصول الركن.
ولولا أن قول الألباني عليه رحمة الله ربما يرجع إلى قول ابن حزم نفسه، وإنْ لم أقف عليه صريحًا لم أتعقب هذا القول، فإني لست كَلِفًا بتعقب أقوال العلماء المعاصرين، واختياراتهم الفقهية والحديثية، وعلى طالب العلم أن يقول اجتهاده في المسألة متلمسًا الحق ما استطاع دون تعصب، ودون أن يتعرض للرموز من أهل السنة، فلا صوابك بحسب ظنك