للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الركوع ولا في السجود؛ لأن القيام والقعود يقعان للعادة وللعبادة فاحتيج إلى ذكر يخلصهما للعبادة، والركوع، والسجود يقعان خالصين لله تعالى إذ هما لا يقعان إلا للعبادة فلم يجب الذكر فيهما» (١).

* دليل من قال: التسبيح ركن من أركان الصلاة:

أطلق القرآن على الصلاة اسم التسبيح، فقال تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُون (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُون} [الروم: ١٨].

(ح-١٦٧٨) وروى مسلم من طريق عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب،

عن أبيه، قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه، حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحًا لأتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله .... وذكر بقية الحديث (٢).

وجه الاستدلال:

أنه أطلق على الصلاة اسم التسبيح، فدل على أنه من أركانها، وهكذا في كل جزء عبر به عن الكل فإنه دليل على ركنية ذلك الجزء، كإطلاق الرقبة على العبد في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣]، ولا يصح أن يقال: فتحرير يد، أوتحرير قدم؛ لأن حياة العبد تستقل من دون ذلك العضو بخلاف الرقبة، وكإطلاق السجود على الركعة، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: من أدرك سجدة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. فإنه دليل على أن الركعة لا تستقل من دون السجود، وكإطلاق القراءة على الصلاة في قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: ٧٨]، دليل على أن القراءة جزء من ماهية الصلاة، وقد بينت السنة على فرضية الفاتحة خاصة، وقد بينت السنة أن محل التسبيح في الصلاة هو الركوع والسجود، والله أعلم.


(١). أسنى المطالب (١٤٥، ١٥٧).
(٢). صحيح مسلم (٨ - ٦٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>