للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في قراءته في السجود، فروي عن مالك إجازة ذلك» (١).

ولو عبر بالمنع لكان أدق؛ لأن حكاية الاتفاق في أن القراءة في الركوع لا تجوز مخالف للمعتمد من المذهب، ولقول الجمهور بأنه مكروه.

ورخص بعضهم في قراءة النفل في الركوع دون الفرض، ولا أعلم وجهًا للتفريق بين الفرض والنفل (٢).

• واختلفوا في علة النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود:

فقيل: إن الركوع والسجود علامة على غاية الذل والخضوع، فناسبهما الدعاء والتسبيح، وهما وإن كانا سببًا في عزة العبدورفعته؛ إلا أنه ينزه عنه كلام الرب.

وقيل: بأنه موطن دعاء، ورد هذا بأن الوقوف في عرفات وعند المشعر الحرام موطن للدعاء، ولا تكره القراءة فيه، ثم القول بأنه موطن دعاء يصدق على السجود دون الركوع (٣).

فهذه ستة أقوال هي المأثورة عن فقهائنا، من القول بالكراهة مطلقًا، إلى القول بالتحريم مطلقًا، إلى القول بالجواز مطلقًا، إلى تحريم قراءة الفاتحة وكراهة غيرها، إلى تحريم القراءة في الركوع دون السجود، إلى التفريق بين الفرض والنفل. والله أعلم.

• دليل من قال: بالتحريم:

الدليل الأول:

(ح-١٧١٧) ما رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة، أخبرني سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه،

عن ابن عباس، قال: كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: أيها الناس، إنه لم يَبْقَ من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة، يراها المسلم، أو تُرَى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن


(١). البيان والتحصيل (١٨/ ٦٣).
(٢). فتح الباري لابن رجب (٧/ ١٨٩).
(٣). انظر التعليقة الكبرى للقاضي أبي يعلى (١/ ٥٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>