للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلوات دون بعض حتى يعترض عليه بقول عائشة كان يكثر» (١).

الوجه الثالث:

أن الدعاء في الركوع لا ينافي التعظيم، والتعظيم في السجود لا ينافي الدعاء، ولذلك قال الزهري: تعظيم الرب والثناء عليه عند العرب دعاء (٢).

أتى أمية بن أبي الصلت ابن جدعان يطلب نائلة، فقال:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياءُ

إذا أثنى عليك المرء يومًا ... كفاه من تعرضك الثناءُ

فهذا مخلوق اكتفى بالثناء عليه عن المسألة، فكيف بالخالق عز وجل.

الوجه الرابع:

إذا ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الركوع فلا يعارض هذا المنطوق بالمفهوم لأن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم بالإجماع، وسوف نذكر الأدلة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الركوع إن شاء الله عند ذكر أدلة القائلين بالاستحباب.

الوجه الخامس:

أن الأمر بالإكثار من الدعاء في السجود دون الركوع، ليس لأن الركوع ليس موضعًا للدعاء؛ فالدعاء من جملة الذكر، وإنما معلل بأنه أقرب في إجابة الدعاء من غيره، ومنه الركوع، لقوله: (فقمن أن يستجاب لكم).

(ح-١٧٢٢) وروى مسلم من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عمارة بن غزية، عن سمي مولى أبي بكر، أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث،

عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو، ساجد، فأكثروا الدعاء (٣).

وكونه أقرب لإجابة الدعاء لا يقتضي التخصيص، وإلا لكان المسلم مأمورًا ألا يدعو إلا في مواطن الإجابة، فالصلاة كلها موضع للدعاء، وقد جاء الأذن


(١). فتح الباري (٢/ ٣٠٠).
(٢). التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن (٧/ ١٦٦).
(٣). صحيح مسلم (٢١٥ - ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>