للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟ قال: جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها. {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [لنصر: ١] إلى آخر السورة.

وجه الاستدلال:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب منه إذا رأى علامة في أمته أن يستغفر الله مسبوقًا بالتسبيح والتحميد، والثناء إذا سبق الدعاء فهو مسوق من أجله، لكونه من آدابه وسببًا في الإجابة، فالجملة كلها دعاء، والثناء جزء منه، كما في حديث: (سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يدعو في الصلاة، ولم يذكر الله عز وجل، ولم يُصَلِّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عَجِلَ هذا، ثم دعاه فقال له ولغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم لِيُصَلِّ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ليدعُ بعد بما شاء).

فقوله: (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه) فقوله: (إذا صلى) أي إذا دعا، فيكون التسبيح والتحميد من آداب الدعاء وجزءًا من الدعاء، سيق من أجله.

وقد طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الدعاء إذا رأى نصر الله والفتح، وهو مطلق، يشمل داخل الصلاة وخارجها، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوله خارج صلاته، كما يقوله في صلاته، وقد تحرى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو به في ركوعه وسجوده، ولم يفرق بين الركوع والسجود؛ فعلم أنهما موضع للدعاء.

وكونه قليلًا فهذا لأنه هو المطلوب من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يتجاوز ما طلب منه، ومن السنة أن يختم العمل بالاستغفار جبرًا للنقص، فالصلاة إذا انتهى منها المصلي استغفر الله ثلاثًا، وفي الحج، لما كان الحج عرفة، فإذا فرغ الإنسان من عرفة، ثم أفاض منها، طلب منه الاستغفار، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لما طُلِبَ منه إذا رأى الفتح أن يستغفر الله كان ذلك إيذانًا بقرب أجله، وعلامة على قيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - برسالته، وقد تحرى النبي - صلى الله عليه وسلم - في استغفاره في صلاته أن يجعله في الركوع والسجود، ولو لم يكن الركوع مَحلًّا للاستغفار لخصص ذلك الاستغفار في السجود.

• دليل من قال: يجوز الدعاء في الركوع:

هؤلاء حاولوا الجمع بين حديث ابن عباس: (أما الركوع فعظموا فيه الرب،

<<  <  ج: ص:  >  >>