فالعموم الذي في حديث ابن عباس خص منه ما ورد في حديث عائشة.
• وتعقب هذا:
يبدو لك من النظرة الأولى أن هذا القول هو الأقوى، لأن فيه إعمالًا لكلا الدليلين، لكنه في الحقيقة نزعة ظاهرية، فالذي شرع في الركوع (اللهم اغفر لي)، كيف يقال: لا يشرع قول: (اللهم ارحمني)، وأي فرق بينهما، إلا أن ذاك دعاء بالمغفرة، وهذا دعاء بالرحمة، والرحمة جنس والمغفرة نوع، ولو قيل بأن المنصوص أولى، وتفضيل الدعاء بالاستغفار بالركوع على غيره لكان له وجه، أما أن يقال: لا يشرع الدعاء في الركوع إلا بهذه الصيغة، فهذا محل نظر.
ولو فتح هذا لكان لقائل أن يقول: إن هذا الدعاء كان خاصًّا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومشروطًا برؤية علامة في حياته إذا رآها، فالأمر بالتسبيح والتحميد والاستغفار ليس مأمورًا به قبل رؤية هذه العلامة، وما كان خاصًا ومشروطًا بعلامة لا يصح القول به مطلقًا على العموم ودون شرطه، لو قيل هذا لكان أسعد من القول بأنه خاص بهذه الصيغة، فلا يشرع الدعاء بغيرها في الركوع.
ولم أقف على أحد من الأئمة الأربعة خصص الجواز بالاستغفار، ولولا أنه قول ملفق من قولين لقلت: إنه قول محدث، ولو سلكنا بالاستدلال هذا الطريق لجعلنا