للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي وجوب السهو، أهو لترك الرفع، أم من أجل ترك الاعتدال من الركوع، وهو ما يسميه الحنفية (القومة)؟

وللجواب على ذلك نقول: إن الرفع يأخذ حكم الاعتدال من الركوع والسجود، وقد ذهب المتأخرون من الحنفية كابن الهمام وابن نجيم إلى القول بوجوب القومة والجلسة.

قال ابن عابدين: «وأما القومة والجلسة وتعديلهما (أي الطمأنينة فيهما) فالمشهور من المذهب السنية، وروي وجوبها، وهو الموافق للأدلة، وعليه الكمال وَمَنْ بَعْدَهُ من المتأخرين» (١).

وإذا كان الاعتدال من الركوع والسجود واجبًا، فالرفع واجب تبعًا؛ لأنه وسيلة إليه، ولأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (٢).

قال ابن نجيم: «ومقتضى الدليل وجوب الطمأنينة في الأربعة (يعني: الركوع والسجود، والاعتدال من الركوع ومن السجود) ووجوب نفس الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين للمواظبة على ذلك كله، وللأمر في حديث المسيء صلاته .... والقول بوجوب الكل هو مختار المحقق ابن الهمام، وتلميذه ابن أمير حاج، حتى قال: إنه الصواب، والله الموفق للصواب» (٣).

إذا عرفنا كيف تخرج القول بوجوب الرفع من الركوع ومن السجود، نأتي إلى دليل القائلين بالوجوب من الحنفية.


(١). حاشية ابن عابدين (١/ ٤٦٤).
(٢). الانتقال عند الحنفية يقسمونه إلى قسمين:
انتقال من ركن إلى ركن، كالانتقال من الركوع إلى السجود، فهذا فرض.
يقول الكاساني في بدائع الصنائع (١/ ٢١٠): «وإذا اطمأن قائمًا ينحط للسجود؛ لأنه فرع من الركوع، وأتى به على وجه التمام، فيلزمه الانتقال إلى ركن آخر، وهو السجود؛ إذ الانتقال من ركن إلى ركن فرض؛ لأنه وسيلة إلى الركن». اهـ

وقال الكاساني أيضًا (١/ ٢٠٩): «إذا اطمأن راكعًا رفع رأسه ... فيحتاج فيه إلى بيان المفروض والمسنون.
أما المفروض: فقد ذكرناه وهو الانتقال من الركوع إلى السجود؛ لما بينا أنه وسيلة إلى الركن، فأما رفع الرأس وعوده إلى القيام، فهو تعديل الانتقال، وإنه ليس بفرض عند أبي حنيفة ومحمد، بل هو واجب، أو سنة عندهما». وانظر: تحفة الفقهاء (١/ ٩٦)، الهداية شرح البداية (١/ ٥١).
(٣). البحر الرائق (١/ ٣١٧)، وانظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>