أن الركوع والسجود فرض (ركن) لأنه ثبت بدليل قطعي، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}[الحج: ٧٧].
وأما الاعتدال من الركوع والجلسة من السجود فثبتت بدليلي ظني، وهو حديث أبي هريرة في الصحيحين في قصة المسيء في صلاته، قال - صلى الله عليه وسلم -: ( ... ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا ... ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)(١).
الدليل الظني لا يفيد الركنية، وإنما يفيد الوجوب.
• ورد هذا:
بأنه سبق لي مناقشة الحنفية على هذا التفريق عند الكلام على ركنية الطمأنينة في الركوع والسجود والاعتدال منهما، فارجع إليه إن شئت منعًا لتكرار الكلام.
الدليل الثاني:
جاء الأمر بالرفع من الركوع حتى الاعتدال قائمًا، ومن السجود حتى الاطمئنان جالسًا، كما في حديث أبي هريرة في قصة المسيء في صلاته (ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا)(ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا)، وتقدم تخريجه، واقترن ذلك بمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الفعل، وعدم الإخلال به، ولو مرة واحدة، مما يدل أن الاعتدال من الركوع والاعتدال من السجود ملحقان بالواجبات، لا بالسنن، وإذا كان الاعتدال واجبًا كان الرفع واجبًا؛ لأنه وسيلة إلى واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
• وأجيب:
بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال للمسيء:(ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تُصَلِّ) دليل على أن ترك ذلك ليس من باب الواجبات، لأنه يجبرها سجود السهو، ولا من باب السنن، لأن تركها لا يلحق بالعدم، فالحكم بالعدم لا يكون إلا بانعدامها أصلًا، وذلك
(١). صحيح البخاري (٦٢٥١)، ورواه مسلم بنفس الإسناد وأحال على لفظ يحيى بن سعيد (٤٦ - ٣٩٧).