للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكون إلا بترك الركن.

الثالث من الأقوال في مذهب الحنفية:

أن الرفع من الركوع والسجود فرض (أي ركن) وروي ذلك عن أبي حنيفة، وحكاه الطحاوي عن الأئمة الثلاثة، وقال أبو يوسف: الركوع والسجود والاعتدال منهما كلها فرائض (أركان) (١).

قال الزيلعي في تبيين الحقائق: «روي عن أبي حنيفة أن الرفع منه فرض، والصحيح الأول (يعني أنه سنة)؛ لأن المقصود الانتقال، وهو يتحقق بدونه، بأن ينحط من ركوعه» (٢).

فإن قيل: كيف يكون الرفع والاعتدال من الركوع، والاعتدال من السجود من أركان الصلاة، وهذه لم تثبت إلا بدليل ظني؟ فإن هذا مخالف لأصول المذهب عند الحنفية.

• أجيب:

بأن الحنفية قد اختلفوا في المراد بالركوع والسجود في الآية في قوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]، فذهب أبو حنيفة ومحمد أن معناهما لغوي، وهو معلوم، فلا يحتاج إلى بيان، وعليه فلو قالوا بركنية الرفع منهما والاعتدال لزم منه الزيادة على النص بخبر الواحد، وهذا لا يجوز؛ لأن الظني لا ينسخ القطعي، وقد ناقشته عند الكلام على حكم الطمأنينة، فارجع إليه.

وعند أبي يوسف معنى الركوع والسجود شرعي، وهو غير معلوم، فيحتاج إلى البيان، وقد جاء حديث المسيء في صلاته فخرج مخرج البيان لما هو واجب في الصلاة، لقوله: (إنك لم تُصَلِّ) فأبان بذلك أن الصفة التي أرادها الله سبحانه بقوله: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]، أن يكون على هذه الصفة، وعلى هذا يكون خبر الواحد، والمواظبة بيانًا للآية، وخبر الواحد يجوز أن يأتي مبينًا لما أجمل في الدليل القطعي، وعليه يكون الاعتدال من الركوع والسجود من جملة فرائض


(١). حاشية ابن عابدين (١/ ٤٦٤، ٤٦٥)، تبيين الحقائق (١/ ١٠٧)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (١/ ٧١)، مراقي الفلاح (ص: ١٠٠)،.
(٢). تبيين الحقائق (١/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>